فَرْعٌ
لَوْ جُنَّ الْمَقْذُوفُ بَعْدَ ثُبُوتِ حَقِّهِ، لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّهِ اسْتِيفَاءُ الْحَدِّ، بَلْ يُصْبَرُ حَتَّى يُفِيقَ، فَيَسْتَوْفِيَ، أَوْ يَمُوتَ فَيُوَرِّثَ. وَكَذَا لَوْ قَذَفَ الْمَجْنُونَ أَوِ الصَّغِيرَ، وَوَجَبَ التَّعْزِيرُ، لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّهِمَا التَّعْزِيرُ، بَلْ يَجِبُ الصَّبْرُ.
إِذَا قُذِفَ الْعَبْدُ وَوَجَبَ التَّعْزِيرُ، فَالطَّلَبُ وَالْعَفْوُ لَهُ لَا لِلسَّيِّدِ، لِأَنَّ عِرْضَهُ لَهُ لَا لِلسَّيِّدِ، حَتَّى لَوْ قَذَفَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ، كَانَ لَهُ رَفْعُهُ إِلَى الْحَاكِمِ لِيُعَزِّرَهُ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ طَلَبُ التَّعْزِيرِ مِنْ سَيِّدِهِ، بَلْ يُقَالُ لَهُ: لَا تَعُدْ، فَإِنَّ عَادَ، عُزِّرَ كَمَا يُعَزَّرُ لَوْ كَلَّفَهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ مِنَ الْخِدْمَةِ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ حَالُهُ.
فَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ وَقَدِ اسْتَحَقَّ تَعْزِيرًا عَلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَأَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: يَسْتَوْفِيهِ سَيِّدُهُ، لِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ وَجَبَتْ بِالْقَذْفِ، فَلَمْ تَسْقُطْ بِالْمَوْتِ كَالْحَدِّ. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْإِرْثِ، وَلَكِنَّهُ أَخَصُّ النَّاسِ بِهِ، فَمَا ثَبَتَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ، يَكُونُ لِسَيِّدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِحَقِّ الْمِلْكِ كَمَالِ الْمُكَاتَبِ. وَالثَّانِي: يَسْتَوْفِيهِ أَقَارِبُهُ، لِأَنَّ الْعَارَ إِنَّمَا يَعُودُ عَلَيْهِمْ. وَالثَّالِثُ: يَسْتَوْفِيهِ السُّلْطَانُ كَحُرٍّ لَا وَارِثَ لَهُ. وَالرَّابِعُ: يَسْقُطُ التَّعْزِيرُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الْبَابُ الثانِي فِي قَذْفِ الزَّوْجَةِ خَاصَّةً
الزَّوْجُ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي صَرِيحِ الْقَذْفِ وَكِنَايَتِهِ، وَفِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِقَذْفِهَا الْحَدُّ إِنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً، وَالتَّعْزِيرُ إِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ، إِلَّا أَنَّ الزَّوْجَ يَخْتَصُّ بِأَنَّهُ قَدْ يُبَاحُ لَهُ الْقَذْفُ، وَقَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ، وَبِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَا يَتَخَلَّصُ مِنَ الْعُقُوبَةِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى زِنَا الْمَقْذُوفِ، أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْذُوفِ. وَلِلزَّوْجِ طَرِيقٌ ثَالِثٌ إِلَى الْخَلَاصِ، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute