للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللِّعَانُ. وَكَمَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ عُقُوبَةُ الْقَذْفِ بِاللِّعَانِ، يَجِبُ عَلَيْهَا بِهِ حَدُّ الزِّنَا، وَلَهَا دَفْعُهُ بِلِعَانِهَا. فَصْلٌ

مَتَّى تَيَقَّنَ الزَّوْجُ أَنَّهَا زَنَتْ، بِأَنْ رَآهَا تَزْنِي، جَازَ لَهُ قَذْفُهَا، وَكَذَا إِنْ ظَنَّ زِنَاهَا ظَنًّا مُؤَكَّدًا، بِأَنْ أَقَرَّتْ بِهِ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهَا، أَوْ سَمِعَهُ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ. قَالَ ابْنُ كَجٍّ وَالْإِمَامُ: سَوَاءٌ كَانَ الْقَائِلُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ، أَمْ لَا، وَاسْتَفَاضَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ فُلَانًا يَزْنِي بِهَا وَلَمْ يُخْبِرْهُ أَحَدٌ عَنْ عِيَانٍ، لَكِنِ انْضَمَّتْ إِلَى الِاسْتِفَاضَةِ قَرِينَةُ الْفَاحِشَةِ، بِأَنْ رَآهُ مَعَهَا فِي خَلْوَةٍ، أَوْ رَآهُ يَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهَا، فَيَجُوزُ لَهُ الْقَذْفُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي صُورَةِ الِاسْتِفَاضَةِ. إِذَا انْضَمَّتْ إِلَيْهَا الْقَرِينَةُ. وَعَنِ الدَّارَكِيِّ: أَنَّهُ يَجُوزُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِفَاضَةِ. وَعَنِ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: يَجُوزُ بِمُجَرَّدِ الْقَرِينَةِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ: الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ لَوْ رَآهَا مَعَهُ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً فِي مَحَلِّ الرِّيبَةِ، كَانَ ذَلِكَ كَالِاسْتِفَاضَةِ مَعَ الرُّؤْيَةِ مَرَّةً، وَكَذَا لَوْ رَآهَا مَعَهُ تَحْتَ شِعَارٍ عَلَى هَيْئَةٍ مُنْكَرَةٍ، وَتَابَعَهُ عَلَى هَذَا الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ. ثُمَّ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَلَدٌ، لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الْقَذْفُ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهَا وَيُفَارِقَهَا بِغَيْرِ اللِّعَانِ إِنْ شَاءَ، وَلَوْ أَمْسَكَهَا لَمْ يَحْرُمْ.

قُلْتُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: إِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ، فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُلَاعِنَ، بَلْ يُطْلِقَهَا إِنْ كَرِهَهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، وَجَبَ عَلَيْهِ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ، هَكَذَا قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ، وَفِيهِ وَجْهٌ حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ لَا يَجِبُ النَّفْيُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. قَالَ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ: فَإِنْ تَيَقَّنَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهَا زَنَتْ، قَذَفَهَا وَلَاعَنَ، وَإِلَّا فَلَا يَقْذِفُهَا، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنْ زَوْجٍ قَبْلَهُ، أَوْ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ. قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْيَقِينُ إِذَا لَمْ يَطَأْهَا أَصْلًا، أَوْ وَطِئَهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>