أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ، أَوْ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. وَلَوْ وَطِئَهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَلِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا بِحَيْضَةٍ، أَوِ اسْتَبْرَأَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الِاسْتِبْرَاءِ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ النَّفْيُ، وَلَا اعْتِبَارَ بِرِيبَةٍ يَجِدُهَا فِي نَفْسِهِ، أَوْ شُبْهَةٍ تُخَيِّلُ لَهُ فَسَادًا، وَإِنِ اسْتَبْرَأَهَا وَأَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ الِاسْتِبْرَاءِ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَحُدُهَا: يَجُوزُ النَّفْيُ، لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَنْفِيَهُ، لِأَنَّ الْحَامِلَ قَدْ تَرَى الدَّمَ. وَالثَّانِي: إِنْ رَأَى بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ الْقَرِينَةَ الْمُبِيحَةَ لِلْقَذْفِ، جَازَ النَّفْيُ، بَلْ لَزِمَهُ، وَإِنْ لَمْ يَرَ شَيْئًا، لَمْ يَجُزْ. وَالثَّالِثُ: يَجُوزُ النَّفْيُ، سَوَاءٌ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ وَأَمَارَةٌ، أَمْ لَا، وَلَا يَجِبُ بِحَالٍ لِلِاحْتِمَالِ. وَأَصَحُّ هَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّانِي، صَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ، وَبِالْأَوَّلِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ.
قُلْتُ: جَعَلَ الرَّافِعِيُّ الْأَوْجَهَ فِيمَا إِذَا أَتَتْ بِالْوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَكَذَا فَعَلَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَالْإِمَامُ، وَالْبَغَوِيُّ، وَالْمُتَوَلِّي. وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَصَاحِبَا «الْمُهَذَّبِ» وَ «الْعُدَّةِ» وَآخَرُونَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي سِتَّةِ الْأَشْهُرِ مِنْ حِينِ زَنَى الزَّانِي بِهَا، لِأَنَّ مُسْتَنَدَ اللِّعَانِ زِنَاهُ، فَإِذَا وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ زِنًا، وَلِأَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ مِنَ الِاسْتِبْرَاءِ، تَيَقَّنَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَا، فَيَصِيرُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَلَا يَجُوزُ النَّفْيُ، وَهَذَا أَوْضَحُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ يَطَأُ وَيَعْزِلُ، فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ صَاحِبَا «الْمُهَذَّبِ» وَ «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّفْيُ بِذَلِكَ، فَقَدْ سَبَقَ الْمَاءُ، وَجَعَلَهُ الْغَزَالِيُّ مُجَوِّزًا لِلنَّفْيِ. وَلَوْ جَامَعَ فِي الدُّبُرِ أَوْ فِيمَا دُونَ الْفَرَجِ، فَلَهُ النَّفْيُ عَلَى الْأَصَحِّ.
فَرْعٌ
لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَا يُشْبِهُهُ، نُظِرَ، إِنْ خَالَفَهُ فِي نَقْصِ وَكَمَالِ خِلْقَةٍ، أَوْ حُسْنٍ وَقُبْحٍ وَنَحْوِهَا، حَرُمَ النَّفْيُ، وَإِنْ وَلَدَتْ أَسْوَدَ وَهُمَا أَبْيَضَانِ أَوْ عَكْسَهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute