سَقَطَ اللِّعَانُ لِلثَّانِي، إِلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ وَلَدٌ فَيُلَاعِنَ لِنَفْيِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَعَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ اللِّعَانُ لِمُجَرَّدِ غَرَضِ قَطْعِ النِّكَاحِ وَإِلْصَاقِ الْعَارِ بِهَا، وَقَدْ سَبَقَ أَنْ قُلْنَا بِالتَّعَدُّدِ، فَإِنْ طَالَبَتْ أَوَّلًا لِلْقَذْفِ الْأَوَّلِ، فَأَقَامَ بَيِّنَةً بِزِنَاهَا، سَقَطَ الْحَدَّانِ، لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهَا غَيْرُ مُحْصَنَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ حُدَّ. ثُمَّ إِذَا طَالَبَتْ لِلثَّانِي، فَأَقَامَ بَيِّنَةً أَوْ لَاعَنَ، سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ الثَّانِي، وَإِلَّا حُدَّ ثَانِيًا، وَإِنْ طَالَبَتْ أَوَّلًا بِالثَّانِي، فَأَقَامَ بَيِّنَةً، سَقَطَ الْحَدَّانِ، وَإِلَّا فَإِنْ لَاعَنَ، سَقَطَ الْحَدُّ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ، حُدَّ لِلثَّانِي، ثُمَّ يُحَدُّ لِلْأَوَّلِ. وَإِنْ طَالَبَتْ بِهِمَا جَمِيعًا، حُدَّ لِلْأَوَّلِ لِسَبْقِ وَجُوبِهِ، ثُمَّ لِلثَّانِي إِنْ لَمْ يُلَاعِنْ. وَإِنَّ حُدَّ فِي الْقَذْفِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَذَفَهَا فِي النِّكَاحِ وَلَمْ يُلَاعِنْ، حُدَّ ثَانِيًا عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: لَا يُحَدُّ لِلثَّانِي. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: لَمْ يَرْضَ هَذَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَقَالُوا: يُحَدُّ ثَانِيًا إِذَا لَمْ يَلْتَعِنْ تَفْرِيعًا عَلَى قَوْلِ التَّعَدُّدِ، قَالُوا: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْذِفَ فِي النِّكَاحِ بَعْدَ أَنْ يُحَدَّ لِلْأَوَّلِ أَوْ قَبْلَهُ، فِي أَنَّهُ يُحَدُّ الثَّانِي إِذَا لَمْ يَلْتَعِنْ، لَكِنْ إِذَا كَانَ قَبْلَهُ، حُدَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
فَرْعٌ
قَذَفَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ أَبَانَهَا بِلَا لِعَانٍ، ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا آخَرَ، فَإِنْ حُدَّ لِلْأَوَّلِ، ثُمَّ نَكَحَهَا، فَفِي حَدِّهِ لِلثَّانِي قَوْلَانِ، كَمَا لَوْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً فَحُدَّ، ثُمَّ قَذَفَهَا ثَانِيًا، وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ حَدَّ الْقَذْفِ الْأَوَّلِ حَتَّى أَبَانَهَا، فَإِنْ لَاعَنَ لِلْأَوَّلِ، فَقِيلَ: يُحَدُّ لِلْأَوَّلِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ، وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ، فَقِيلَ: يُحَدُّ حَدَّيْنِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: هَذَا. وَالثَّانِي: حَدٌّ وَاحِدٌ.
قَذَفَ زَوْجَتَهُ الْبِكْرَ فَلَمْ تُطَالِبْهُ حَتَّى فَارَقَهَا، وَنَكَحَتْ غَيْرَهُ وَوَطِئَهَا وَصَارَتْ مُحْصَنَةً، وَقَذَفَهَا الثَّانِي، ثُمَّ طَالَبَتْهُمَا، فَلَاعَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَامْتَنَعَتْ هِيَ مِنَ اللِّعَانِ، فَقَدْ ثَبَتَ عَلَيْهَا بِلِعَانِ الْأَوَّلِ زِنَا بِكْرٍ، وَبِلِعَانِ الثَّانِي زِنَا مُحْصَنَةٍ، وَفِيمَا عَلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute