جَمَعَ بَيْنَ الْإِشَارَةِ وَالْكِتَابَةِ، وَهُوَ جَائِزٌ، وَلَكِنْ مُقْتَضَى التَّصْحِيحِ بِالْكِتَابَةِ الْمُجَرَّدَةِ تَكْرِيرُ كِتَابَةِ كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي «الْوَجِيزِ» : عَلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ مَعَ الْإِشَارَةِ أَوْ يُورِدَ اللَّفْظَ عَلَيْهِ نَاطِقٌ فَيُشِيرَ بِالْإِجَابَةِ - فَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنَ الْأَصْحَابِ، وَإِنَّمَا قَالَ الْإِمَامُ: لَوْ قَالَ بِهِ قَائِلٌ، لَكَانَ قَرِيبًا، وَحَكَاهُ فِي «الْبَسِيطِ» عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ، وَلَا يُعْرَفُ عَنْ غَيْرِهِ. وَلَوْ لَاعَنَ الْأَخْرَسُ بِالْإِشَارَةِ، ثُمَّ عَادَ نُطْقُهُ وَقَالَ: لَمْ أُرِدِ اللِّعَانَ بِإِشَارَتِي، قُبِلَ قَوْلُهُ فِيمَا عَلَيْهِ، فَيَلْحَقُهُ النَّسَبُ وَالْحَدُّ، وَلَا يُقْبَلُ فِيمَا لَهُ، فَلَا تَرْتَفِعُ الْفُرْقَةُ وَالتَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ، وَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ فِي الْحَالِ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ، وَلَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ إِنْ لَمْ يَفُتْ زَمَنُ النَّفْيِ. وَلَوْ قَالَ: لَمْ أُرِدِ الْقَذْفَ أَصْلًا، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَلَوْ قَذَفَ نَاطِقٌ، ثُمَّ عَجَزَ عَنِ الْكَلَامِ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ زَوَالُ مَا بِهِ، فَهُوَ كَالْأَخْرَسِ، وَإِنْ رُجِيَ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَحُدُهَا: لَا يَنْتَظِرُ، بَلْ يُلَاعِنُ بِالْإِشَارَةِ لِحُصُولِ الْعَجْزِ، وَرُبَّمَا مَاتَ فَلَحِقَهُ نَسَبٌ بَاطِلٌ. وَالثَّانِي: يَنْتَظِرُ وَإِنْ طَالَتْ مُدَّتُهُ. وَأَصَحُّهُمَا: يَنْتَظِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ. وَنَقَلَ الْإِمَامُ أَنَّ الْأَئِمَّةَ صَحَّحُوهُ. وَعَلَى هَذَا، فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إِنْ كَانَ يُرْجَى زَوَالُهُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَنْتَظِرُ، وَإِلَّا فَلَا يَنْتَظِرُ أَصْلًا.
فَرْعٌ
مَنْ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ، يُلَاعِنُ بِلِسَانِهِ، وَيُرَاعِي تَرْجَمَةَ الشَّهَادَةِ وَاللَّعْنِ وَالْغَضَبِ، فَإِنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ، فَهَلْ يَتَعَيَّنُ اللِّعَانُ بِهَا، أَمْ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ بِأَيِّ لِسَانٍ شَاءَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي. وَإِذَا لَاعَنَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يُحْسِنُ تِلْكَ اللُّغَةَ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى مُتَرْجِمٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْضُرَهُ أَرْبَعَةٌ مِمَّنْ يُحْسِنُهَا، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ مُتَرْجِمِينَ، وَيَكْفِيَانِ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ، فَإِنَّهَا تُلَاعِنُ لِنَفْيِ الزِّنَا لَا لِإِثْبَاتِهِ. وَفِي جَانِبِ الرَّجُلِ طَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْقَطْعُ بِالِاكْتِفَاءِ بِاثْنَيْنِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ سَلَمَةَ. وَالثَّانِي: عَلَى قَوْلَيْنِ بِنَاءً عَلَى الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ، أَمْ يُشْتَرَطُ أَرْبَعَةٌ؟ وَالْأَظْهَرُ ثُبُوتُهُ بِشَاهِدَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute