الثَّالِثَةُ: وَلَدَتْ زَوْجَتُهُ تَوْأَمَيْنِ، فَنَفَى أَحَدَهُمَا، أَوْ نَفَاهُمَا، ثُمَّ اسْتَلْحَقَ أَحَدَهُمَا، لَحِقَهُ الْوَلَدَانِ.
وَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ، فَنَفَاهُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ بِاللِّعَانِ، ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ، فَقَدْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَقَدْ يَكُونُ سِتَّةٌ فَأَكْثَرُ. فَإِنْ كَانَ دُونَهَا، فَهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ نَفَى الثَّانِيَ بِلِعَانٍ آخَرَ، انْتَفَى أَيْضًا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي اللِّعَانِ الثَّانِي إِلَى ذِكْرِ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ، وَأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَحْتَاجُ إِلَى إِعَادَةِ لِعَانِهَا، وَإِنْ لَمْ تَنْفِ الثَّانِيَ، بَلِ اسْتَلْحَقَهُ أَوْ سَكَتَ عَنْ نَفْيِهِ مَعَ إِمْكَانِهِ، لَحِقَاهُ جَمِيعًا. فَإِنِ اسْتَلْحَقَهُ، لَزِمَهُ لَهَا حَدُّ الْقَذْفِ، كَمَا لَوْ كَذَّبَ نَفْسَهُ. وَإِنْ سَكَتَ فَلَحِقَهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَدُّ، لِأَنَّهُ لَمْ يُنَاقِضْ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ، وَاللُّحُوقُ حُكْمُ الشَّرْعِ. وَلَوْ قَذَفَهَا ثُمَّ لَاعَنَ فِي الْبَيْنُونَةِ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ آخَرَ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَسَوَاءٌ اسْتَلْحَقَ الثَّانِيَ صَرِيحًا أَوْ سَكَتَ عَنْ نَفْيِهِ فَلَحِقَاهُ، لَزِمَهُ الْحَدُّ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ اللِّعَانَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لَا يَكُونُ إِلَّا لِنَفْيِ النَّسَبِ. فَإِذَا لَحِقَ النَّسَبُ، لَمْ يَبْقَ لِلِّعَانِ حُكْمٌ فَحَدٌّ. وَفِي صُلْبِ النِّكَاحِ لَهُ أَحْكَامٌ. فَإِذَا لَحِقَ النَّسَبُ، لَا يَرْتَفِعُ فَلَمْ يُحَدَّ. فَأَمَّا إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا، فَالثَّانِي حَمْلٌ آخَرُ. فَإِنْ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ، انْتَفَى أَيْضًا. وَإِنِ اسْتَلْحَقَهُ، أَوْ سَكَتَ عَنْ نَفْيِهِ، لَحِقَهُ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُهَا بَانَتْ بِاللِّعَانِ، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وَطِئَهَا بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ فَعَلَّقَتْ قَبْلَ اللِّعَانِ، فَتَكُونُ حَامِلًا حَالَ الْبَيْنُونَةِ، فَتَصِيرُ كَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا. إِذَا وَلَدَتْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، ثَبَتَ نَسَبُهُ لِلْمُطَلِّقِ، لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا حَامِلًا وَقْتَ الطَّلَاقِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ لُحُوقِ الثَّانِي لُحُوقُ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُمَا حَمْلَانِ، فَلَا يَلْحَقُهُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ لُحُوقِ الثَّانِي إِذَا لَمْ يَنْفِهِ، هُوَ الصَّوَابُ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الْمُهَذَّبِ: يَنْتَفِي الثَّانِي بِلَا لِعَانٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute