للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِحُدُوثِهِ بَعْدَ الْفِرَاشِ، وَهَذَا لَيْسَ وَجْهًا، بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ سَهْوٌ وَتَوْجِيهُهُ مَمْنُوعٌ. وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ إِذَا لَاعَنَ عَنِ الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ ثُمَّ أَتَتْ بِآخَرَ، فَلَوْ لَاعَنَ عَنْ حَمْلٍ فِي نِكَاحٍ أَوْ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ إِذَا جَوَّزْنَاهُ، فَوَلَدَتْ وَلَدًا، ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ، فَالثَّانِي مَنْفِيٌّ أَيْضًا، لِأَنَّهُ لَاعَنَ عَنِ الْحَمْلِ، وَالْحَمْلُ اسْمٌ لِجَمِيعِ مَا فِي الْبَطْنِ. وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا، فَالْأَوَّلُ مَنْفِيٌّ بِاللِّعَانِ، وَيَنْتَفِي الثَّانِي بِلَا لِعَانٍ، لِأَنَّ النِّكَاحَ ارْتَفَعَ بِاللِّعَانِ، وَانْقَضَتِ الْعِدَّةُ بِوَضْعِ الْأَوَّلِ، وَتَحَقَّقْنَا بَرَاءَةَ الرَّحِمِ قَطْعًا.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ، ثُمَّ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوَضْعِ، لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ الثَّانِي. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَلَا يُنْظَرُ إِلَى احْتِمَالِ حُدُوثِهِ مِنْ وَطْئِهِ بِشُبْهَةٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكْفِي لِلُّحُوقِ، لِأَنَّهُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ كَسَائِرِ الْأَجَانِبِ، فَلَا بُدَّ مِنِ اعْتِرَافِهِ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ وَادِّعَائِهِ الْوَلَدَ. وَعَنِ الْقَفَّالِ، أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُلَاعِنْ لِنَفْيِ الْوَلَدِ الثَّانِي يَلْحَقُهُ كَمَا قُلْنَا فِي الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: هَذَا غَلَطٌ لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: كَمَا يَجُوزُ نَفْيُ الْوَلَدِ فِي حَيَاتِهِ يَجُوزُ بَعْدَ مَوْتِهِ، سَوَاءٌ خَلَفَ الْوَلَدُ وَلَدًا، بِأَنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا فَكَبُرَ الْمَوْلُودُ وَتَزَوَّجَ وَوُلِدَ لَهُ - أَوْ لَمْ يَخْلُفْهُ. وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ التَّوْأَمَيْنِ قَبْلَ اللِّعَانِ، فَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ وَيَنْفِيَ الْحَيَّ وَالْمَيِّتَ جَمِيعًا.

وَلَوْ نَفَى وَلَدًا بِاللِّعَانِ، ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ فَاسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، لَحِقَهُ وَوَرِثَ مَالَهُ وَدِيَتَهُ إِنْ قُتِلَ، سَوَاءٌ خَلَفَ وَلَدًا أَمْ لَا احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ.

وَلَوْ نَفَاهُ بَعْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ، لَحِقَهُ عَلَى الْأَصَحِّ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ، وَثَبَتَ الْإِرْثُ، فَإِنْ قُسِّمَتْ تَرِكَتُهُ، نَقَصَتِ الْقِسْمَةُ.

الْخَامِسَةُ: إِذَا أَتَتْ زَوْجَتُهُ بِوَلَدٍ، فَأَقَرَّ بِنَسَبِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِنَسَبِهِ وَأَرَادَ نَفْيَهُ، فَهَلْ يَكُونُ نَفْيُهُ عَلَى الْفَوْرِ، أَمْ يَتَمَادَى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَمْ أَبَدًا، وَلَا يَسْقُطُ إِلَّا بِالْإِسْقَاطِ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. أَظْهَرُهَا: الْأَوَّلُ وَهُوَ الْجَدِيدُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ: لَهُ نَفْيُهُ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>