للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَعَنِ ابْنِ سَلَمَةَ، أَنَّ التَّقْدِيرَ بِيَوْمَيْنِ قَوْلٌ آخَرُ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ سَائِرُ الْأَصْحَابِ قَوْلًا آخَرَ، بَلْ قَالُوا: الْمُرَادُ: أَوْ ثَلَاثًا، فَإِنْ قُلْنَا بِالْفَوْرِ فَأُخِرَّ بِلَا عُذْرٍ، لَحِقَهُ وَسَقَطَ حَقُّهُ مِنَ النَّفْيِ، وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا بِأَنْ لَمْ يَجِدِ الْقَاضِيَ لِغَيْبَةٍ، أَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إِلَيْهِ، أَوْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ فِي اللَّيْلِ فَأَخَّرَ حَتَّى يُصْبِحَ، أَوْ حَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ فَقَدَّمَهَا، أَوْ كَانَ جَائِعًا، أَوْ عَارِيًا فَأَكَلَ أَوْ لَبِسَ أَوَّلًا، أَوْ كَانَ مَحْبُوسًا، أَوْ مَرِيضًا، أَوْ مُمَرِّضًا، لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ، لَكِنْ إِنْ أَمْكَنَهُ الْإِشْهَادُ فَلَمْ يُشْهِدْ أَنَّهُ عَلَى النَّفْيِ، بَطَلَ حَقُّهُ، وَذَكَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ، أَنَّ الْمَرِيضَ إِذَا قَدَرَ أَنْ يَبْعَثَ إِلَى الْحَاكِمِ لِيُرْسِلَ إِلَيْهِ نَائِبًا يُلَاعِنُ عِنْدَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ، بَطَلَ حَقُّهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ، فَيُشْهِدُ حِينَئِذٍ، وَلْيُطْرَدْ هَذَا فِي الْمَحْبُوسِ وَمَنْ يَطُولُ عُذْرُهُ.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَجَمَاعَةٌ: الْمَرِيضُ وَالْمُمَرِّضُ وَمَنْ يُلَازِمُهُ غَرِيمُهُ لِخَوْفِ ضَيَاعِ مَالِهِ، يَبْعَثُ إِلَى الْحَاكِمِ وَيُعْلِمُهُ أَنَّهُ عَلَى النَّفْيِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ، أَشْهَدَ، وَيُمْكِنْ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فَيُقَالُ: يَبْعَثُ إِلَى الْقَاضِي، وَيُطْلِعُهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ لِيَبَعَثَ إِلَيْهِ نَائِبًا، أَوْ لِيَكُونَ عَالَمًا بِالْحَالِ إِنْ أَخَرَّ بَعْثَ النَّائِبِ، وَأَمَّا الْغَائِبُ، فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعِهِ قَاضٍ، وَنَفَى الْوَلَدَ عِنْدَهُ، فَكَذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ تَأْخِيرَهُ حَتَّى يَرْجِعَ، فَفِي أَمَالِي السَّرَخْسِيِّ الْمَنْعُ مِنْهُ. وَفِي «التَّهْذِيبِ» وَ «التَّتِمَّةِ» جَوَازُهُ. فَعَلَى هَذَا، إِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ السَّيْرُ فِي الْحَالِ لِخَوْفِ الطَّرِيقِ أَوْ غَيْرِهِ فَلْيُشْهِدْ. وَإِنْ أَمْكَنَهُ، فَلْيَسِرْ وَلِيُشْهِدْ، فَإِنْ أَخَّرَ السَّيْرَ، بَطَلَ حَقُّهُ أَشْهَدَ أَمْ لَا، وَإِنْ أَخَذَ فِي السَّيْرِ وَلَمْ يُشْهِدْ، بَطَلَ حَقُّهُ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَاضٍ، فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ كَانَ وَأَرَادَ التَّأْخِيرَ إِلَى بَلَدِهِ وَجَوَّزْنَاهُ.

فَرْعٌ

إِذَا قُلْنَا: النَّفْيُ عَلَى الْفَوْرِ، فَلَهُ تَأْخِيرُ نَفْيِ الْحَمْلِ إِلَى الْوَضْعِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ رِيحًا، فَإِنْ أَخَّرَ وَوَضَعَتْ وَقَالَ: أَخَّرْتُ لِأَتَحَقَّقَ الْحَمْلَ، فَلَهُ النَّفْيُ، وَإِنْ قَالَ: عَلِمْتُهُ وَلَدًا وَلَكِنْ رَجَوْتُ أَنْ يَمُوتَ، فَأُكْفَى اللِّعَانَ، بَطَلَ حَقُّهُ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ فِي «الْمُخْتَصِرِ» لِتَفْرِيطِهِ مَعَ عِلْمِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>