إِلَى الْأَقْرَاءِ وَهَلْ يُحْسَبُ مَا مَضَى قَرْءًا؟ وَجْهَانِ. أَقْرَبُهُمَا إِلَى ظَاهِرِ النَّصِّ الْمَنْعُ.
فَإِنْ كَانَتِ الْآيِسَةُ وَالَّتِي لَمْ تَحِضْ أَمَةً، فَهَلْ عِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، أَمْ شَهْرَانِ، أَمْ شَهْرٌ وَنِصْفٌ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ. قَالَ الْمَحَامِلِيُّ: أَظْهَرُهَا: الْأَوَّلُ، وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ، قَالَ: وَلَكِنَّ الْقِيَاسَ، وَظَاهِرَ الْمَذْهَبِ، شَهَرٌ وَنِصْفٌ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا الْخُرَاسَانِيِّينَ.
الصِّنْفُ الرَّابِعُ: مَنِ انْقَطَعَ دَمُهَا، يُنْظَرُ، إِنِ انْقَطَعَ لِعَارِضٍ يُعْرَفُ، لِرَضَاعٍ، أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ دَاءٍ بَاطِنٍ، صَبَرَتْ حَتَّى تَحِيضَ، فَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ، أَوْ تَبْلُغَ سِنَّ الْيَأْسِ، فَتَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ، وَلَا تُبَالِي بِطُولِ مُدَّةِ الِانْتِظَارِ، وَإِنِ انْقَطَعَ لَا لِعِلَّةٍ تُعْرَفُ، فَالْقَوْلُ الْجَدِيدُ: أَنَّهُ كَالِانْقِطَاعِ لِعَارِضٍ، وَالْقَدِيمُ: أَنَّهَا تَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ. وَفِي قَوْلٍ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ بَعْدَ التَّرَبُّصِ، تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ. فَإِذَا قُلْنَا بِالْقَدِيمِ فَحَاضَتْ بَعْدَ التَّرَبُّصِ وَالْعِدَّةِ وَبَعْدَمَا تَزَوَّجَتْ، اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ لِلثَّانِي عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ، لِتَبَيُّنِنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ، وَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ تَمَامِ التَّرَبُّصِ، بَطَلَ التَّرَبُّصُ وَانْتَقَلَتْ إِلَى الْأَقْرَاءِ، وَيُحْسَبُ مَا مَضَى قَرْءًا بِلَا خِلَافٍ، فَإِنْ لَمْ يُعَاوِدْهَا الدَّمُ، وَلَمْ تُتِمَّ الْأَقْرَاءَ، اسْتَأْنَفَتِ التَّرَبُّصَ لِتَعْتَدَّ بَعْدَهُ بِالْأَشْهُرِ، لِأَنَّ التَّرَبُّصَ الْأَوَّلَ بَطَلَ بِظُهُورِ الدَّمِ.
قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا نَأْمُرُهَا بِاسْتِئْنَافِ التَّرَبُّصِ، لِأَنَّا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، لَا نَعْتَبِرُ الْيَأْسَ، وَإِنَّمَا نَعْتَبِرُ ظُهُورَ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَقَدْ ظَهَرَتِ الْبَرَاءَةُ، وَرُؤْيَةُ الدَّمِ تُؤَكِّدُ الْبَرَاءَةَ. وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ، هُوَ الْأَوَّلُ، وَإِنْ حَاضَتْ بَعْدَ التَّرَبُّصِ، وَفِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ انْتَقَلَتْ إِلَى الْأَقْرَاءِ، فَإِنْ لَمْ يُعَاوِدْهَا الدَّمُ، عَادَ الصَّحِيحُ، وَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي. وَإِذَا تَرَبَّصَتْ، فَتَبْنِي الْأَشْهُرَ عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ، أَمْ تَسْتَأْنِفُ الْأَشْهُرَ؟ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: تَسْتَأْنِفُ كَمَا تَسْتَأْنِفُ التَّرَبُّصَ، وَأَصَحُّهُمَا: تَبْنِي، لِأَنَّ مَا مَضَى مِنَ الْأَشْهُرِ كَانَ مِنْ صُلْبِ الْعِدَّةِ، فَلَا مَعْنَى لِإِبْطَالِهِ، بِخِلَافِ التَّرَبُّصِ، فَعَلَى هَذَا فِي كَيْفِيَّةِ الْبِنَاءِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: تَعُدُّ مَا مَضَى قَرْءًا، وَيَبْقَى عَلَيْهَا قَرْءَانِ، فَتَعْتَدُّ بَدَلَهُمَا بِشَهْرَيْنِ. وَعَلَى هَذَا، لَوْ حَاضَتْ مَرَّتَيْنِ، بَقِيَ عَلَيْهَا قَرْءٌ، فَتَعْتَدُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute