وَلَوِ امْتَدَّتِ الْعِدَّةُ وَزَادَتْ عَلَى مُدَّةِ الْمُضَارَبَةِ، فَفِي رُجُوعِهَا بِحِصَّةِ الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْغُرَمَاءِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا: الرُّجُوعُ، لِأَنَّا تَبَيَّنَّا اسْتِحْقَاقَهَا، كَمَا لَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ، وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَى الْمُفْلِسِ إِذَا أَيْسَرَ، وَالثَّانِي: لَا تَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ، لِئَلَّا تُغَيِّرَ مَا حَكَمْنَا بِهِ، وَيُنْسَبُ هَذَا إِلَى النَّصِّ، وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ فِي «التَّجْرِبَةِ» ، وَالثَّالِثُ: تَرْجِعُ الْحَامِلُ لِأَنَّهُ حِسِّيٌّ دُونَ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ، فَإِنَّهَا مُتَّهَمَةٌ بِتَأْخِيرِهَا، وَإِذَا قُلْنَا: لَا تَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ، رَجَعَتْ عَلَى الزَّوْجِ عَلَى الْأَصَحِّ إِذَا أَيْسَرَ، قَالَ الْإِمَامُ: وَالْخِلَافُ فِي رُجُوعِهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ، إِذَا لَمْ يُصَدِّقُوهَا، فَإِنْ صَدَّقُوهَا رَجَعَتْ عَلَيْهِمْ بِلَا خِلَافٍ، قَالَ: وَفِي غَيْرِ صُورَةِ الْإِفْلَاسِ إِذَا مَضَى زَمَنُ الْعَادَةِ، فَادَّعَتْ مَزِيدًا، وَتَغَيُّرًا فِي الْعَادَةِ، فَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْحَابِ، أَنَّهَا تُصَدَّقُ بِلَا خِلَافٍ، وَعَلَى الزَّوْجِ الْإِسْكَانُ، قَالَ: وَفِيهِ احْتِمَالٌ، لِأَنَّا إِذَا صَدَّقْنَاهَا رُبَّمَا تَمَادَتْ فِي دَعْوَاهَا إِلَى سِنِّ الْيَأْسِ.
فَرْعٌ
إِذَا ضَارَبَتْ فِي صُورَةِ الْإِفْلَاسِ بِالْأُجْرَةِ، اسْتُؤْجِرَ بِحِصَّتِهَا الْمَنْزِلُ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الْعِدَّةُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ، فَأَقْرُبُ الْمُمْكِنِ كَمَا سَبَقَ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: فَإِذَا جَاوَزَتْ مُدَّةَ مَا أَخَذَتْ أُجْرَتَهُ، سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتْ.
لَوْ كَانَتِ الْمُطَلَّقَةُ رَجْعِيَّةً، أَوْ حَامِلًا، اسْتَحَقَّتْ مَعَ السُّكْنَى النَّفَقَةَ، وَتُضَارِبُ الْغُرَمَاءَ عِنْدَ إِفْلَاسِ الزَّوْجِ بِالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى، وَالْقَوْلُ فِي كَيْفِيَّةِ الْمُضَارَبَةِ وَالرُّجُوعِ كَمَا سَبَقَ، وَلَكِنْ إِذَا قُلْنَا: إِنَّ نَفَقَةَ الْحَامِلِ لَا تُعَجَّلُ، لَمْ يُدْفَعْ إِلَيْهَا حِصَّةُ النَّفَقَةِ فِي الْحَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute