للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا يَخْفَى عَلَى الطَّرِيقِ الثَّالِثِ أَنَّ اللِّعَانَ سَبَبٌ عَارِضٌ، وَأَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَقِيلَ: هُوَ مِمَّا لَهَا فِيهِ مُدْخَلٌ، لِأَنَّهَا أَحْوَجَتْهُ إِلَيْهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ كَالطَّلَاقِ، وَإِنْ نَفَى حَمْلَهَا لَمْ تَجِبِ النَّفَقَةُ، سَوَاءٌ قُلْنَا: هِيَ لِلْحَمْلِ أَمْ لِلْحَامِلِ، وَتَسْتَحِقُّ السُّكْنَى عَلَى الْأَصَحِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. وَلَوْ أَبَانَ زَوْجَتَهُ بِالطَّلَاقِ، ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ، وَقُلْنَا: لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لِنَفْيِهِ فَلَاعَنَ؛ سَقَطَتِ النَّفَقَةُ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: فَإِنْ أَثْبَتْنَا لِلْمُلَاعَنَةِ السُّكْنَى، فَهَذِهِ أَوْلَى، لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ عَنْ طَلَاقٍ، وَإِلَّا فَتَحْمِلُ وَجْهَيْنِ، وَإِذَا لَاعَنَ وَهِيَ حَامِلٌ وَنَفَاهُ ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ، وَاسْتَلْحَقَ الْوَلَدَ، طُولِبَ بِنَفَقَةِ مَا مَضَى، نَصَّ عَلَيْهِ فَقِيلَ: هُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَامِلِ. أَمَّا إِذَا قُلْنَا: لِلْحَمْلِ: فَلَا مُطَالَبَةَ، لِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: تَثْبُتُ الْمُطَالَبَةُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ لِلْحَمْلِ، فَهِيَ مَصْرُوفَةٌ إِلَى الْحَامِلِ وَهِيَ صَاحِبَةُ حَقٍّ فِيهَا فَتَصِيرُ دَيْنًا كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ. وَلَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ بَعْدَمَا أَرْضَعَتِ الْوَلَدَ، رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ الرَّضَاعِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ فِي «الْأُمِّ» وَلَوْ أَنْفَقَتْ عَلَى الْوَلَدِ مُدَّةً، ثُمَّ رَجَعَ، رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ، لِأَنَّهَا أَنْفَقَتْ عَلَى ظَنِّ وُجُوبِهِ عَلَيْهَا، فَإِذَا بَانَ خِلَافُهُ، ثَبَتَ الرُّجُوعُ، كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَقَضَاهُ، فَبَانَ خِلَافُهُ يَرْجِعُ، وَكَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى أَبِيهِ عَلَى ظَنِّ إِعْسَارِهِ، فَبَانَ مُوسِرًا، يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُتَبَرِّعِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْحَامِلِ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، وَجْهَانِ، إِنْ قُلْنَا: لِلْحَمْلِ وَجَبَتْ، وَإِلَّا فَلَا. هَذَا إِذَا كَانَتِ الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ غَيْرَ مَنْكُوحَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةً وَأَوْجَبْنَا نَفَقَتَهَا عَلَى الْوَاطِئِ، سَقَطَتْ عَنِ الزَّوْجِ قَطْعًا، وَإِلَّا فَعَلَى الْأَصَحِّ وَاسْتَحْسَنَ فِي «الْوَسِيطِ» أَنَّهَا إِنْ وُطِئَتْ نَائِمَةً أَوْ مُكْرَهَةً، فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَإِنْ مَكَّنَتْ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ زَوْجُهَا، فَلَا نَفَقَةَ، لِأَنَّ الظَّنَّ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْغَرَامَاتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>