الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْمُعْتَدَّةُ عَنِ الْوَفَاةِ لَا نَفَقَةَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا، سَوَاءٌ قُلْنَا لِلْحَامِلِ أَوْ لِلْحَمْلِ، لِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ.
الرَّابِعَةُ: هَلْ تَتَقَدَّرُ النَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ كَنَفَقَةِ صُلْبِ النِّكَاحِ، أَمْ تُعْتَبَرُ كِفَايَتُهَا، سَوَاءٌ زَادَتْ أَمْ نَقَصَتْ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ، الْمَذْهَبُ - وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ - أَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ، وَشَذَّ الْإِمَامُ وَمُتَابِعُوهُ فَحَكَوْا خِلَافًا.
الْخَامِسَةُ: إِذَا مَاتَ زَوْجُ الْبَائِنِ الْحَامِلِ قَبْلَ الْوَضْعِ، إِنْ قُلْنَا: النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ، سَقَطَتْ، لِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ، وَإِنْ قُلْنَا: لِلْحَامِلِ فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: تَسْقُطُ أَيْضًا لِأَنَّهَا كَالْحَاضِنَةِ لِلْوَلَدِ، وَلَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْحَاضِنَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: لَا تَسْقُطُ، لِأَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ إِلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ، بَلْ تُتِمُّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ، وَالطَّلَاقُ مُوجِبٌ.
قُلْتُ: قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَكَمَا تَسْتَحِقُّ الْبَائِنُ الْحَامِلُ النَّفَقَةَ، تَسْتَحِقُّ الْأُدْمَ وَالْكِسْوَةَ سَوَاءٌ قُلْنَا النَّفَقَةُ لِلْحَامِلِ أَوْ لِلْحَمْلِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
لَا يَجِبُ تَسْلِيمُ النَّفَقَةِ قَبْلَ ظُهُورِ الْحَمْلِ، سَوَاءٌ قُلْنَا: هِيَ لِلْحَمْلِ أَمْ لِلْحَامِلِ، فَإِذَا ظَهَرَ هَلْ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ، أَمْ تُؤَخَّرُ إِلَى أَنْ تَضَعَ، فَتُسَلِّمَ الْجَمِيعَ دُفْعَةً وَاحِدَةً؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) . فَإِنْ قُلْنَا: تُؤَخَّرُ، فَقَالَتْ: وَضَعْتُ، فَكَذَّبَهَا، فَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ. وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّعْجِيلِ، فَادَّعَتْ ظُهُورَ الْحَمْلِ، وَأَنْكَرَ فَكَذَلِكَ وَتُقْبَلُ فِيهِمَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ، وَقِيلَ: لَا يُعْتَمَدُ قَوْلُهُنَّ إِلَّا بَعْدَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ. وَلَوْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَى ظَنِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute