للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْجُمْهُورُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِنْ كَانَتِ الْمُحَاكَمَتَانِ مَعًا قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ بَعْدَهُ، فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتِ الْمُحَاكَمَةُ الْأُولَى قَبْلَ الدُّخُولِ، وَالْأُخْرَى بَعْدَهُ، فَوَجْهَانِ: وَجْهُ تَجْوِيزِ الْفَسْخِ أَنَّ بِالدُّخُولِ اسْتَقَرَّ مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِرًّا، فَالْإِعْسَارُ بِهِ يُجَدَّدُ خِيَارًا، وَلَوْ نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ بِالصَّدَاقِ، فَلَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ عَلَى الْأَصَحِّ، كَمَا لَوْ رَضِيَتْ بِهِ فِي النِّكَاحِ، ثُمَّ بَدَا لَهَا، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ، وَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ بَعْدَ الدُّخُولِ إِذَا مَكَّنَّاهَا مِنَ الْفَسْخِ، وَاخْتَارَتِ الْمَقَامَ، وَلَا بُدَّ فِي الْإِعْسَارِ بِالْمَهْرِ مِنْ حُكْمِ الْقَاضِي كَالنَّفَقَةِ، وَالْخِيَارُ فِيهِ بَعْدَ الْمُرَافَعَةِ عَلَى الْفَوْرِ، فَلَوْ أَخَّرَتِ الْفَسْخَ، سَقَطَ، وَلَوْ عَلِمَتْ إِعْسَارَهُ، وَأَمْسَكَتْ عَنِ الْمُحَاكَمَةِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ بَعْدَ طَلَبِهَا الْمَهْرَ، كَانَ رِضًا بِالْإِعْسَارِ، وَسَقَطَ خِيَارُهَا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ، لَمْ يَسْقُطْ، فَقَدْ تُؤَخَّرُ الْمُطَالِبَةُ لِتَوَقُّعِ الْيَسَارِ، ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ.

الطَّرَفُ الرَّابِعُ: فِيمَنْ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ، وَهُوَ لِلزَّوْجَةِ إِنْ شَاءَتْ، فَسَخَتْ، وَإِنْ شَاءَتْ صَبَرَتْ، وَلَا اعْتِرَاضَ لِلْوَلِيِّ عَلَيْهَا، وَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ بِغَيْرِ تَوْكِيلِهَا، وَلَيْسَ لِوَلِيِّ الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ الْفَسْخُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَتُهُمَا، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمَا مِنْ مَالِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَالٌ فَنَفَقَتُهُمَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا لَوْ كَانَتَا خَلِيَّتَيْنِ، وَتَصِيرُ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ دَيْنًا عَلَيْهِ يُطَالَبُ بِهِ إِذَا أَيْسَرَ، وَكَذَا لَا يَفْسَخُ الْوَلِيُّ بِإِعْسَارِ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ إِنْ جَعَلْنَاهُ مُثْبِتًا لِلْخِيَارِ، وَلَوْ أُعْسِرَ زَوْجُ الْأَمَةِ بِالنَّفَقَةِ فَلَهَا الْفَسْخُ كَمَا تَفْسَخُ بِجَبِّهِ، وَلِأَنَّهَا صَاحِبَةُ حَقٍّ فِي تَنَاوُلِ النَّفَقَةِ، فَإِنْ أَرَادَتِ الْفَسْخَ، لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهَا، فَإِنْ ضَمِنَ النَّفَقَةَ، فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ يَضْمَنُهَا، وَلَوْ رَضِيَتْ بِالْمَقَامِ، أَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً، فَهَلْ لِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ: الْأَصَحُّ: لَيْسَ لَهُ، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَالْبَغَوِيُّ وَجَمَاعَةٌ، وَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ نَفَقَةُ الْكَبِيرَةِ الْعَاقِلَةِ، بَلْ يَقُولُ: افْسَخِي أَوِ اصْبِرِي عَلَى الْجُوعِ، وَالثَّانِي: لَهُ، وَالثَّالِثُ: لَهُ فِي الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>