للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا إِذَا أَعْسَرَ زَوْجُهَا بِالْمَهْرِ، وَقُلْنَا: يَثْبُتُ بِهِ الْفَسْخُ، فَالْفَسْخُ لِلسَّيِّدِ، لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّهِ لَا تَعَلُّقَ لِلْأَمَةِ بِهِ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِي فَوَاتِهِ، وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ، وَهُوَ غَلَطٌ.

فَرْعٌ

قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: تَتَعَلَّقُ نَفَقَةُ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ بِالْأَمَةِ وَبِالسَّيِّدِ، أَمَّا السَّيِّدُ فَلِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ، لِأَنَّ الْأَمَةَ لَا تَمْلِكُ، لَكِنَّهَا بِحُكْمِ النِّكَاحِ مَأْذُونٌ لَهَا فِي الْقَبْضِ، وَبِالْعُرْفِ فِي تَنَاوُلِ الْمَقْبُوضِ. وَأَمَّا الْأَمَةُ فَلَهَا مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ، كَمَا كَانَتْ تُطَالِبُ السَّيِّدَ، وَإِذَا أَخَذَتْهَا، فَلَهَا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِالْمَأْخُوذِ وَلَا تُسَلِّمَ إِلَى السَّيِّدِ حَتَّى تَأْخُذَ بَدَلَهُ، وَلَهُ الْإِبْدَالُ لِحَقِّ الْمِلْكِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُ حَقَّ الْمِلْكِ وَلَهَا حَقُّ التَّوَثُّقِ، وَلَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ الْإِبْرَاءُ مِنْ نَفَقَتِهَا، وَلَا بَيْعُ الْمَأْخُوذِ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْبَدَلِ إِلَيْهَا، وَفِي «التَّتِمَّةِ» مَا يُخَالِفُ بَعْضَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ: حَقُّ الِاسْتِيفَاءِ لِلسَّيِّدِ، فَلَوْ سَلَّمَهَا الزَّوْجُ إِلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ لَمْ يَبْرَأْ، وَلِهَذَا لَوْ قَبَضَ النَّفَقَةَ، وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ، جَازَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَذَكَرَ الْبَغَوِيُّ أَنَّهَا لَوْ أَبْرَأَتِ الزَّوْجَ عَنْ نَفَقَةِ الْيَوْمِ جَازَ، وَلَيْسَ لَهَا الْإِبْرَاءُ عَمَّا صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، كَمَا فِي الصَّدَاقِ، وَقَدْ تَنَازَعَ قِيَاسَ الْمِلْكِ فِي الْإِبْرَاءِ مِنْ نَفَقَةِ الْيَوْمِ، لَكِنَّ نَفَقَةَ الْيَوْمِ لِلْحَاجَةِ النَّاجِزَةِ، وَكَانَا لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلسَّيِّدِ إِلَّا بَعْدَ الْأَخْذِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَتَمَحُّضُ الْحَقِّ لَهَا، وَلَوِ اخْتَلَفَتِ الْأَمَةُ وَزَوْجُهَا فِي تَسْلِيمِ نَفَقَةِ الْيَوْمِ، أَوْ أَيَّامٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا، وَلَا أَثَرَ لِتَصْدِيقِ السَّيِّدِ الزَّوْجَ، وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ، وَصَدَّقَ السَّيِّدُ الزَّوْجَ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: كَانَ السَّيِّدُ شَاهِدًا لَهُ، وَلَا يَثْبُتُ الْمُدَّعَى بِتَصْدِيقِهِ، وَأَصَحُّهُمَا: يَثْبُتُ، وَتَكُونُ الْخُصُومَةُ فِي النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ لِلسَّيِّدِ، لَا لَهَا كَالْمَهْرِ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْمُتَوَلِّي، كَمَا لَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِأَنَّ الْعَبْدَ جَنَى خَطَأً، وَأَنْكَرَ الْعَبْدُ، لَا يُلْتَفَتُ إِلَى إِنْكَارِهِ. وَلَوْ أَقَرَّتِ الْأَمَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>