يَلِي حَضَانَتَهُ مِنْ أَقَارِبِهِ الْأَحْرَارِ، فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى الْمُهَايَأَةِ، أَوْ عَلَى اسْتِئْجَارِ حَاضِنَةٍ، أَوْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، فَذَاكَ، وَإِنْ تَمَانَعَا، اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ حَاضِنَةً، وَأَوْجَبَ الْمُؤْنَةَ عَلَى السَّيِّدِ وَعَلَى مَنْ يَقْتَضِي الْحَالُ الْإِيجَابَ عَلَيْهِ.
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: كَوْنُهَا أَمِينَةً، فَلَا حَضَانَةَ لِفَاسِقَةٍ.
الشَّرْطُ الْخَامِسُ: كَوْنُهَا فَارِغَةً خَلِيَّةً، فَلَوْ نَكَحَتْ أَجْنَبِيًّا، سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا لِاشْتِغَالِهَا بِحُقُوقِ الزَّوْجِ، فَلَوْ رَضِيَ الزَّوْجُ، لَمْ يُؤَثِّرْ، كَمَا لَا يُؤَثِّرُ رِضَا السَّيِّدِ بِحَضَانَةِ الْأَمَةِ، فَقَدْ يَرْجِعَانِ فَيَتَضَرَّرُ الْوَلَدُ، فَلَوْ نَكَحَتْ عَمَّ الطِّفْلِ، فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: لَا تَبْطُلُ حَضَانَتُهَا لِأَنَّ الْعَمَّ صَاحِبُ حَقِّ الْحَضَانَةِ، وَشَفَقَتُهُ تَحْمِلُهُ عَلَى رِعَايَةِ الطِّفْلِ، فَيَتَعَاوَنَانِ عَلَى كَفَالَتِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْقَفَّالُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي، وَيُقَالُ: إِنَّ صَاحِبَ التَّلْخِيصِ خَرَّجَهُ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْجَدَّةَ إِذَا نَكَحَتْ جَدَّ الطِّفْلِ لَا يَبْطُلُ حَقُّهَا مِنَ الْحَضَانَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ فِي نِكَاحِهِ، ثَبَتَ لَهَا حَقُّ الْحَضَانَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ فِي نِكَاحِ أَجْنَبِيٍّ، وَالثَّانِي: يَبْطُلُ حَقُّ الْأُمِّ، وَلَيْسَ الْعَمُّ كَالْجَدِّ لِأَنَّ الْجَدَّ وَلِيٌ تَامُّ الشَّفَقَةِ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَبِ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ فِي نِكَاحِ الْأُمِّ الْعَمَّ، يَطَّرِدَانِ فِي كُلِّ مَنْ لَهَا حَضَانَتُهُ، نَكَحَتْ قَرِيبًا لِلطِّفْلِ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ، بِأَنْ نَكَحَتْ أُمُّهُ ابْنَ عَمِّ الطِّفْلِ، أَوْ عَمَّ أَبِيهِ، أَوْ نَكَحَتْ خَالَتُهُ الَّتِي لَهَا حَضَانَةٌ عَمَّ الطِّفْلِ، أَوْ نَكَحَتْ عَمَّتُهُ خَالَهُ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَغَيْرُهُ، ثُمَّ إِنَّمَا يَبْقَى الْحَقُّ إِذَا نَكَحَتِ الْجَدَّةُ جَدَّ الطِّفْلِ، أَوِ الْأُمُّ عَمَّهُ عَلَى الْأَصَحِّ إِذَا رَضِيَ الَّذِي نَكَحَتْهُ بِحَضَانَتِهَا، فَإِنْ أَبَى، فَلَهُ الْمَنْعُ، وَعَلَيْهَا الِامْتِنَاعُ.
فَرْعٌ
إِذَا اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فَإِنَّمَا تَثْبُتُ لَهَا الْحَضَانَةُ إِذَا كَانَ الْأَبَوَانِ مُقِيمَيْنِ فِي بَلَدٍ، فَإِنْ سَافَرَ أَحَدُهُمَا، فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute