للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَلْ يُشْرَطُ اسْتِحْقَاقُهَا أَنْ تُرْضِعَ الْوَلَدَ إِنْ كَانَ رَضِيعًا؟ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا، بَلْ لَهَا الْحَضَانَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ، أَوِ امْتَنَعَتْ مِنَ الْإِرْضَاعِ، وَعَلَى الْأَبِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مُرْضِعَةً تُرْضِعُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدَ الْبَغَوِيِّ، وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ: يُشْتَرَطُ لِعُسْرِ اسْتِئْجَارِ مُرْضِعَةٍ تُخَلِّي بَيْتَهَا، وَتَنْتَقِلُ إِلَى مَسْكَنِ الْأُمِّ، وَعَلَى هَذَا لَا تُمْنَعُ الْأُمُّ مِنْ زِيَارَتِهِ.

فَرْعٌ

لَوْ أَسْلَمَتِ الْكَافِرَةُ، أَوْ أَفَاقَتِ الْمَجْنُونَةُ، أَوْ عَتَقَتِ الْأَمَةُ، أَوْ رَشَدَتِ الْفَاسِقَةُ، أَوْ طُلِّقَتِ الَّتِي سَقَطَ حَقُّهَا بِالنِّكَاحِ، تَثْبُتُ لَهَا الْحَضَانَةُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا، هَذَا هُوَ نَصُّ الْمَذْهَبِ، وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ قَوْلًا أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لِلرَّجْعِيَّةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ، وَبِهِ قَالَ الْمُزَنِيُّ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: إِنِ اعْتَدَّتْ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ فَإِنَّمَا تَثْبُتُ لَهَا الْحَضَانَةُ إِذَا رَضِيَ الزَّوْجُ بِأَنْ يَدْخُلَ الْوَلَدُ بَيْتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَ، لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تُدْخِلَهُ بَيْتَهُ، وَكَذَا فِي الْبَائِنِ، وَإِذَا رَضِيَ، ثَبَتَ حَقُّهَا بِخِلَافِ رِضَاهُ فِي صُلْبِ النِّكَاحِ، لِأَنَّ الْمَنْعَ هُنَاكَ لِاسْتِحْقَاقِهِ الِاسْتِمْتَاعَ، وَاسْتِهْلَاكَ مَنَافِعِهَا فِيهِ، وَهُنَا لِلْمَسْكَنِ، فَإِذَا أَذِنَ صَارَ مُعِيرًا.

فَرْعٌ

إِذَا امْتَنَعَتِ الْأُمُّ مِنَ الْحَضَانَةِ، أَوْ غَابَتْ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، الصَّحِيحُ: أَنَّهَا تَنْتَقِلُ إِلَى الْجَدَّةِ، كَمَا لَوْ مَاتَتْ، أَوْ جُنَّتْ، وَالثَّانِي: تَنْتَقِلُ إِلَى الْأَبِ، وَالثَّالِثُ: إِلَى السُّلْطَانِ لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْأُمِّ كَمَا لَوْ غَابَ الْوَلِيُّ فِي النِّكَاحِ، أَوْ عَضَلَ، يُزَوِّجُ السُّلْطَانُ لَا الْأَبْعَدُ، فَعَلَى الصَّحِيحِ مَتَى امْتَنَعَ الْأَقْرَبُ مِنَ الْحَضَانَةِ، كَانَتْ لِمَنْ يَلِيهِ لَا لِلسُّلْطَانِ، لِأَنَّهَا لِلْحِفْظِ، وَالْقَرِيبُ الْأَبْعَدُ أَشْفَقُ مِنَ السُّلْطَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>