وَهِيَ الْقَتْلُ وَالْقَطْعُ وَالْجُرْحُ الَّذِي لَا يُزْهِقُ وَلَا يَبِينُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ.
قُلْتُ: قَالَ الْبَغَوِيُّ: هُوَ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْكُفْرِ، وَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ «الْمُخْتَصَرِ» وَتُقْبَلُ التَّوْبَةُ مِنْهُ. وَلَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ التَّوْبَةِ، لَا يَتَحَتَّمُ دُخُولُهُ النَّارِ، بَلْ هُوَ فِي خَطَرِ الْمَشِيئَةِ كَسَائِرِ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ، فَإِنْ دَخَلَهَا لَمْ يَخْلُدْ فِيهَا خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيَتَعَلَّقُ بِالْقَتْلِ الَّذِي هُوَ لَيْسَ مُبَاحًا سِوَى عَذَابِ الْآخِرَةِ مُؤَاخَذَاتٌ فِي الدُّنْيَا: الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ، لَكِنْ لَا يَجْتَمِعُ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ، لَا وُجُوبًا وَلَا اسْتِيفَاءً، وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَأَعَمُّ مِنْهُمَا، فَتَجِبُ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقَدْ تَنْفَرِدُ عَنْهُمَا.
قُلْتُ: وَيَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْضًا التَّعْزِيرُ فِي صُوَرٍ مِنْهَا: إِذَا قَتَلَ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ صِبْيَانِهِمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ الْقِصَاصُ لَا يَخْتَصُّ بِالنَّفْسِ، بَلْ يَجْرِي فِي غَيْرِ النَّفْسِ مِنَ الْأَطْرَافِ وَغَيْرِهَا، وَالْكَلَامُ فِيهِ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: فِي مُوجِبِ الْقِصَاصِ، وَالثَّانِي: فِي حُكْمِهِ، اسْتِيفَاءً وَعَفْوًا، وَالْأَوَّلُ نَوْعَانِ: قِصَاصُ نَفْسٍ وَقِصَاصُ طَرَفٍ وَجِرَاحَاتٍ، فَنَذْكُرُ مُوجِبَ الْقِصَاصِ وَوَاجِبَهُ فِي النَّفْسِ ثُمَّ فِي الطَّرَفِ، أَمَّا مُوجِبُ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ: الْقَتْلُ وَالْقَتِيلُ وَالْقَاتِلُ. الرُّكْنُ الْأَوَّلُ: الْقَتْلُ وَهُوَ كُلُّ فِعْلِ عَمْدٍ مَحْضٍ مُزْهِقٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute