لِلرُّوحِ عُدْوَانٍ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُزْهِقًا، فَهَذَا هُوَ الْقَتْلُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْقِصَاصُ، وَقَوْلُنَا: كُلُّ فِعْلٍ، لِيَشْمَلَ الْجُرْحَ وَغَيْرَهُ، وَقَوْلُنَا: عُدْوَانٍ، احْتِرَازٌ مِنَ الْقَتْلِ الْجَائِزِ، وَقَوْلُنَا: مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُزْهِقًا، احْتِرَازٌ عَمَّا إِذَا اسْتَحَقَّ حَزَّ رَقَبَتِهِ قِصَاصًا فَقَدَّهُ نِصْفَيْنِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قِصَاصٌ، وَإِنْ كَانَ عُدْوَانًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعُدْوَانٍ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُزْهِقًا، وَإِنَّمَا هُوَ عُدْوَانٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ عَدْلٌ عَنِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَحِقِّ فَيَحْتَاجُ إِلَى بَيَانِ الْعَمْدِيَّةِ وَالْمُزْهِقِ وَتَعَلُّقِ الْقِصَاصِ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالسَّبَبِ، وَحُكْمِ اجْتِمَاعِ السَّبَبِ وَالْمُبَاشَرَةِ، وَبَيَانِ حَكَمِ اجْتِمَاعِ الْمُبَاشَرَتَيْنِ، وَبَيَانِ اجْتِمَاعِ السَّبَبَيْنِ، فَأَمَّا اجْتِمَاعُ السَّبَبَيْنِ، فَمُؤَخَّرٌ إِلَى كِتَابِ الدِّيَاتِ، وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ، فَنَعْقِدُ فِيهَا أَطْرَافًا:
الطَّرَفُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ الْعَمْدِيَّةِ، وَتَمْيِيزِ الْعَمْدِ مِنَ الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ، فَإِذَا صَدَرَ مِنْهُ فِعْلٌ قَتَلَ غَيْرَهُ، نُظِرَ؛ إِنْ لَمْ يُقْصِدْ أَصْلَ الْفِعْلِ بِأَنْ زَلِقَ، فَسَقَطَ عَلَى غَيْرِهِ، فَمَاتَ بِهِ، أَوْ تَوَلَّدَ الْهَلَاكُ مِنَ اضْطِرَابِ يَدِ الْمُرْتَعِشِ، أَوْ لَمْ يَقْصِدِ الشَّخْصُ وَإِنْ قَصَدَ الْفِعْلَ، بِأَنْ رَمَى صَيْدًا، فَأَصَابَ رَجُلًا، أَوْ قَصَدَ رَجُلًا، فَأَصَابَ غَيْرَهُ، فَهَذَا خَطَأٌ مَحْضٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قِصَاصٌ، وَإِنْ قَصَدَ الْفِعْلَ وَالشَّخْصَ مَعًا، فَهَذَا قَدْ يَكُونُ عَمْدًا مَحْضًا، وَقَدْ يَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ، وَفِي التَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا عِبَارَاتٌ لِلْأَصْحَابِ يَجْمَعُهَا أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ إِذَا وَجَدَ الْقَصْدَانِ وَعَلِمْنَا حُصُولَ الْمَوْتِ بِفِعْلِهِ، فَهُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ، سَوَاءٌ قَصَدَ الْإِهْلَاكِ، أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْفِعْلُ مُهْلِكًا غَالِبًا، أَمْ نَادِرًا، كَقَطْعِ الْأُنْمُلَةِ، وَإِنْ شَكَكْنَا فِي حُصُولِ الْمَوْتِ بِهِ، فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ، وَالثَّانِي: إِنْ ضَرَبَهُ بِجَارِحٍ، فَالْحُكْمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ ضَرَبَهُ بِمُثْقِلٍ، اعْتُبِرَ مَعَ ذَلِكَ فِي كَوْنِهِ عَمْدًا أَنْ يَكُونَ مُهْلِكًا غَالِبًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُهْلِكًا غَالِبًا، فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ، وَاعْتَرَضَ الْغَزَالِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ، بِأَنَّهُ لَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute