فَلَا قِصَاصَ، وَلَكِنْ تَجِبُ فِي الصُّورَتَيْنِ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
وَحَكَاهُ ابْنُ كَجٍّ عَنِ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تَتَعَلَّقَ بِهِ دِيَةٌ كَمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قِصَاصٌ.
الضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَعْتَدِلَ السَّبَبُ وَالْمُبَاشَرَةُ، كَالْإِكْرَاهِ، فَإِذَا أُكْرِهَ عَلَى الْقَتْلِ، وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْآمِرِ، كَمَا سَبَقَ، وَفِي الْمَأْمُورِ قَوْلَانِ.
أَظْهَرُهُمَا: وُجُوبُ الْقِصَاصِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ آثِمٌ بِالِاتِّفَاقِ بِخِلَافِ قَتْلِ الصَّائِلِ، وَسَوَاءٌ فِي جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ كَانَ الْمُكْرِهُ سُلْطَانًا أَوْ مُتَغَلِّبًا، وَقِيلَ: هُمَا فِي السُّلْطَانِ، فَإِنْ كَانَ مُتَغَلِّبًا، وَجَبَ الْقِصَاصُ قَطْعًا.
فَإِنْ أَوْجَبْنَا الْقِصَاصَ، فَآلَ الْأَمْرُ إِلَى الدِّيَةِ، فَهِيَ عَلَيْهِمَا كَالشَّرِيكَيْنِ، وَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَيَأْخُذَ نِصْفَ الدِّيَةِ مِنَ الْآخَرِ، وَإِنْ لَمْ نُوجِبِ الْقِصَاصَ عَلَى الْمَأْمُورِ، فَفِي وُجُوبِ نِصْفِ الدِّيَةِ، وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ، تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْآلَةِ، وَأَصَحُّهُمَا: يَجِبُ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ، فَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ، وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ، وَحَرُمَ الْمِيرَاثُ، وَهَلْ تَكُونُ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ أَمْ عَلَى عَاقِلَتِهِ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ.
قُلْتُ: الْأَرْجَحُ أَنَّهُ فِي مَالِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ قُلْنَا: لَا دِيَةَ، وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ آثِمٌ، فَإِنْ أَوْجَبْنَا الْكَفَّارَةَ، حُرِمَ الْإِرْثُ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الْحِرْمَانُ.
فَرْعٌ.
إِذَا أَوْجَبْنَا الْقِصَاصَ عَلَى الْمُكْرِهِ وَالْمُكْرَهِ جَمِيعًا، وَكَانَ أَحَدُهُمَا مُكَافِئًا لِلْمَقْتُولِ دُونَ الْآخَرِ، وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُكَافِئِ دُونَ الْآخَرِ، كَشَرِيكِ الْأَبِ، فَإِذَا أَكْرَهَ عَبْدٌ حُرًّا عَلَى قَتْلِ عَبْدٍ، أَوْ ذَمِّيٌّ مُسْلِمًا عَلَى قَتْلِ ذِمِّيٍّ، وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْآمِرِ دُونَ الْمَأْمُورِ، وَلَوْ أَكْرَهَ حُرٌّ عَبْدًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute