الْقَتْلِ، فَلَا قِصَاصَ عَلَى الَّذِي أُلْحِقَ بِهِ، وَيُقْتَصُّ مِنَ الْآخَرِ، وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ وَجْهًا شَاذًّا أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنَ الْآخَرِ، لِأَنَّ إِلْحَاقَ الْقَائِفِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، فَلَا يُرَتَّبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ الَّذِي يَسْقُطُ بِالشُّبَهَاتِ.
وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ أَحَدُهُمَا، فَأَلْحَقَهُ بِالْآخَرِ، اقْتُصَّ مِنْهُ، وَكَذَا لَوْ أَلْحَقَهُ بِغَيْرِهِمَا، وَيَعُودُ فِيهِ وَجْهُ ابْنِ كَجٍّ، وَإِنْ رَجَعَا عَنِ الدَّعْوَةِ، لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُمَا، لِأَنَّهُ صَارَ ابْنًا لِأَحَدِهِمَا، وَفِي رُجُوعِهِ إِبْطَالُ حَقِّ الْوَلَدِ.
وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا، وَأَصَرَّ الْآخَرُ، فَهُوَ ابْنُ الْآخَرِ، فَيَقْتَصُّ مِنَ الرَّاجِعِ إِنِ اشْتَرَكَا فِي قَتْلِهِ، أَوْ إِنِ انْفَرَدَ هُوَ بِقَتْلِهِ، هَذَا إِذَا لَحِقَ الْمَوْلُودُ أَحَدَهُمَا بِالدَّعْوَةِ، أَمَّا إِذَا لَحِقَ بِالْفِرَاشِ، بِأَنْ نُكِحَتْ مُعْتَدَّةٌ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنَ الْأَوَّلِ وَمِنَ الثَّانِي، أَوْ فُرِضَ وَطْءُ شُبْهَةٍ، فَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا بِإِلْحَاقِ الْقَائِفِ، أَوْ بِانْتِسَابِ الْمَوْلُودِ بَعْدَ بُلُوغِهِ، فَلَوْ نَفَاهُ أَحَدُهُمَا، فَهَلْ يَتَعَيَّنُ لِلثَّانِي، أَمْ يَبْقَى الْإِبْهَامُ حَتَّى يُعْرَضَ عَلَى الْقَائِفِ، أَوْ يَنْتَسِبَ؟ قَوْلَانِ.
أَظْهَرُهُمَا: ثَانِيهِمَا، فَإِذَا أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِأَحَدِهِمَا، اقْتَصَّ مِنَ الْآخَرِ إِنِ انْفَرَدَ بِقَتْلِهِ، أَوْ شَارَكَ فِيهِ، وَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا، أَوِ انْتَسَبَ بَعْدَ الْبُلُوغِ، فَقَتَلَهُ الَّذِي لَحِقَهُ، لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ، فَإِنْ أَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً بِنَسَبِهِ، لَحِقَهُ وَاقْتُصَّ مِنَ الْأَوَّلِ.
فَرْعٌ.
أَخَوَانِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، قَتَلَ أَحَدُهُمَا الْأَبَ وَالْآخَرُ الْأُمَّ، فَلَهُمَا حَالَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقْتُلَاهُمَا مَعًا، وَالثَّانِي: عَلَى التَّعَاقُبِ، وَالِاعْتِبَارُ فِي الْمَعِيَّةِ وَالتَّعَاقُبِ بِزُهُوقِ الرُّوحِ لَا بِالْجُرْحِ.
الْحَالُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَقْتُلَاهُمَا مَعًا، فَكُلُّ وَاحِدٍ يَسْتَحِقُّ الْقِصَاصَ عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا، فَلِلْمَعْفُوِّ عَنْهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنَ الْعَافِي، وَإِنْ لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute