للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَرَحَ عَبْدٌ عَبْدًا، ثُمَّ عَتَقَ الْمَجْرُوحُ، فَجَرَحَهُ حُرٌّ وَمَاتَ مِنْهُمَا، فَعَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَوِ انْفَرَدَ بِجِنَايَتِهِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ.

الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ مَضْمُونًا، بِأَنْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ وَمُسْلِمٌ مُسْلِمًا، وَمَاتَ مِنْهُمَا، أَوْ قُطِعَتْ يَدُ إِنْسَانٍ فِي سَرِقَةٍ أَوْ قِصَاصٍ، ثُمَّ جَرَحَهُ رَجُلٌ عُدْوَانًا، أَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ مُرْتَدًّا أَوْ حَرْبِيًّا، ثُمَّ أَسْلَمَ، فَجَرَحَهُ غَيْرُهُ، أَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ حَرْبِيًّا، ثُمَّ عُقِدَتِ الذِّمَّةُ لِلْمَجْرُوحِ، فَجَرَحَهُ ذِمِّيٌّ آخَرُ، أَوْ جَرَحَ صَائِلًا، ثُمَّ جَرَحَهُ غَيْرُهُ، فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الصُّوَرِ، قَوْلَانِ.

أَظْهَرُهُمَا: الْوُجُوبُ كَشَرِيكِ الْأَبِ، وَالثَّانِي: لَا، بَلْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَوْ جَرَحَهُ سَبُعٌ، أَوْ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ أَوْ حَيَّةٌ، وَجَرَحَهُ مَعَ ذَلِكَ رَجُلٌ، فَطَرِيقَانِ، أَشْهَرُهُمَا: طَرَدَ الْقَوْلَيْنِ، وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِأَنْ لَا قِصَاصَ، وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدَ الْقَاضِي حُسَيْنٍ، وَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ.

وَمَوْضِعُ الطَّرِيقَيْنِ فِيمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْإِمَامِ أَنْ يَقْصِدَ السَّبُعُ الْجِرَاحَةَ، فَأَمَّا إِذَا وَقَعَ السَّبُعُ عَلَيْهِ بِلَا قَصْدٍ، فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا، وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَهُ السَّبُعُ بِالْجُرْحِ أَمْ لَا، فَفِيهِ الطَّرِيقَانِ.

ثُمَّ الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا كَانَ جُرْحُ السَّبُعِ بِحَيْثُ يَحْصُلُ مِنْهُ الْمَوْتُ غَالِبًا، وَإِلَّا فَشَرِيكُهُ شَرِيكُ الْجَارِحِ شِبْهَ عَمْدٍ، وَلَوْ جَرَحَ رَجُلٌ عَبْدَهُ، وَجَرَحَهُ عَبْدٌ، أَوْ عُتِقَ، فَجَرَحَهُ عَبْدٌ، أَوْ حُرٌّ ثُمَّ مَاتَ مِنْهُمَا، فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى شَرِيكِ السَّيِّدِ طَرِيقَانِ أَشْهَرُهُمَا، طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ.

وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْوُجُوبِ، لِأَنَّ فِعْلَ السَّيِّدِ مَضْمُونٌ بِالْكَفَّارَةِ، فَشَرِيكُهُ شَرِيكٌ عَامِدٌ ضَامِنٌ، كَشَرِيكِ الْأَبِ، وَلَوْ جَرَحَ نَفْسَهُ، وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ، بُنِيَ عَلَى أَنَّ قَاتِلَ نَفْسِهِ هَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ؟ .

إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، فَكَشَرِيكِ السَّيِّدِ، وَإِلَّا فَكَشَرِيكِ الْحَرْبِيِّ، وَكَيْفَ كَانَ فَالْمَذْهَبُ الْوُجُوبُ، وَلَوْ رَمَى اثْنَانِ سَهْمَيْنِ إِلَى مُسْلِمٍ فِي صَفِّ الْكُفَّارِ، وَقَدْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مُسْلِمٌ، وَلَمْ يَعْلَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>