للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآخَرُ أَنَّ هُنَاكَ مُسْلِمًا، فَوُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْعَالِمِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي شَرِيكِ السَّيِّدِ، لِأَنَّ فِعْلَ الْجَاهِلِ مَضْمُونٌ بِالْكَفَّارَةِ.

فَرْعٌ.

وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى شَرِيكِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ الْعَامِدَيْنِ، يُبْنَى عَلَى أَنَّ عَمْدَهُمَا عَمْدٌ أَمْ خَطَأٌ؟ إِنْ قُلْنَا: عَمْدٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا، كَذَا أَطْلَقَهُ مُطْلِقُونَ.

وَعَنِ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي صَبِيٍّ يَعْقِلُ عَقْلَ مِثْلِهِ، وَفِي مَجْنُونٍ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزِ، فَأَمَّا مَنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ بِحَالِ، فَعَمْدُهُ خَطَأٌ، وَشَرِيكُهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ قَطْعًا، وَعَلَى هَذَا جَرَى الْأَئِمَّةُ، مِنْهُمُ الْبَغَوِيُّ.

فَرْعٌ.

إِذَا جَرَحَ شَخْصٌ شَخْصًا جِرَاحَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا: عَمْدٌ، وَالْأُخْرَى: خَطَأٌ، فَمَاتَ بِهِمَا، فَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ، لِأَنَّ الزُّهُوقَ لَمْ يَحْصُلْ بِعَمْدٍ مَحْضٍ.

وَتَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ فِي مَالِهِ، وَنَصِفُ الْمُخَفَّفَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَقَدْ يَتَعَلَّقُ الْقِصَاصُ بِجِرَاحَةِ الْعَمْدِ، بِأَنْ تَكُونَ قَطْعُ طَرَفٍ، وَكَذَا لَوْ جَرَحَ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا، فَأَسْلَمَ، فَجَرَحَهُ ثَانِيًا، أَوْ قَطَعَ يَدَ إِنْسَانٍ قِصَاصًا، أَوْ بِسَرِقَةٍ، ثُمَّ جَرَحَهُ، أَوْ قَطَعَ يَدَهُ الْأُخْرَى ظُلْمًا، أَوْ قَطَعَ الصَّائِلَ دَفْعًا، فَلَمَّا وَلَّى، جَرَحَهُ، أَوْ قَطَعَ يَدَهُ الْأُخْرَى، فَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ.

وَيَثْبُتُ مُوجِبُ الْجِرَاحَةِ الْوَاقِعَةِ فِي حَالِ الْعِصْمَةِ مِنْ قِصَاصٍ، أَوْ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ، وَكَذَا لَوْ جَرَحَ الْعَادِلُ الْبَاغِيَ فِي الْقِتَالِ، ثُمَّ جَرَحَهُ بَعْدَهُ، أَوِ السَّيِّدُ عَبْدَهُ ثُمَّ جَرَحَهُ بَعْدَ عَتْقٍ، أَوْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا، ثُمَّ أَسْلَمَ الْجَارِحُ، وَجَرَحَهُ ثَانِيًا.

وَلَوْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ ذِمِّيٍّ، فَأَسْلَمَ، فَقَطَعَ يَدَهُ الْأُخْرَى، أَوْ حَرٌّ يَدَ عَبْدٍ، فَعُتِقَ، فَقَطَعَ يَدَهُ الْأُخْرَى، وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ، فَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>