وَيَجِبُ قِصَاصُ الطَّرَفِ الْمَقْطُوعِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ، فَإِنِ اقْتَصَّ فِي الطَّرَفِ، أَخَذَ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَإِنْ عَفَا، أَخَذَ دِيَةَ حُرٍّ مُسْلِمٍ.
وَلَوْ قَطَعَ ذِمِّيٌّ يَدَ ذِمِّيٍّ، فَأَسْلَمَ الْقَاطِعُ، ثُمَّ قَطَعَ يَدَهُ الْأُخْرَى، وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ، فَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ، وَيَجِبُ قِصَاصُ الطَّرَفِ الْمَقْطُوعِ أَوَّلًا، فَإِنْ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ، أَخَذَ دِيَةَ ذِمِّيٍّ.
فَرْعٌ.
إِذَا دَاوَى الْمَجْرُوحُ نَفْسَهُ بِسُمٍّ قَاتِلٍ، بِأَنْ شَرِبَهُ، أَوْ وَضَعَهُ عَلَى الْجُرْحِ، فَإِنْ كَانَ السُّمُّ مُذَفَّفًا، فَالْمَجْرُوحُ قَاتِلُ نَفْسِهِ، وَلَيْسَ عَلَى الْجَارِحِ قِصَاصٌ فِي النَّفْسِ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَرْشُ جِرَاحَتِهِ أَوِ الْقِصَاصُ إِنْ تَعَلَّقَ بِهَا قِصَاصُ طَرَفٍ، وَإِنْ كَانَ السُّمُّ مِمَّا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَالْجَارِحُ شَرِيكٌ لِصَاحِبِ شِبْهِ عَمْدٍ، فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ فِي النَّفْسِ، بَلْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ، أَوِ الْقِصَاصُ فِي الطَّرَفِ إِنِ اقْتَضَتْهُ.
وَإِنْ كَانَ السُّمُّ قَاتِلًا غَالِبًا فَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْمَجْرُوحُ ذَلِكَ، فَهُوَ كَالْحَالَةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ عَلِمَهُ، فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْجَارِحِ طَرِيقَانِ.
أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ كَشَرِيكِ جَارِحِ نَفْسِهِ، وَالثَّانِي: لَا يَجِبُ قَطْعًا، لِأَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ، لِكَوْنِهِ قَصَدَ التَّدَاوِيَ لَا الْإِهْلَاكَ.
لَوْ خَاطَ جُرْحَهُ فِي لَحْمٍ مَيِّتٍ، لَمْ يُؤَثِّرْ، لِأَنَّهُ لَا يُؤْلِمُ، وَعَلَى الْجَارِحِ الْقِصَاصُ، أَوْ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَإِنْ خَاطَهُ تَدَاوِيًا فِي لَحْمِ حَيٍّ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْجَارِحِ الطَّرِيقَانِ فِي التَّدَاوِي بِالسُّمِّ الْقَاتِلِ غَالِبًا.
وَفِي الصُّورَتَيْنِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَفْعَلَ الْمَجْرُوحُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، أَوْ يَأْمُرَ بِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَأْمُورِ، وَلَوِ اسْتَقَلَّ بِهِ غَيْرُهُ، فَهُوَ وَالْأَوَّلُ جَارِحَانِ مُتَعَدِّيَانِ.
وَلَوْ تَوَلَّاهُ الْإِمَامُ فِي مَجْرُوحٍ، فَإِنْ كَانَ بَالِغًا رَشِيدًا، فَكَذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute