للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ.

إِذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْعُضْوِ، فَقِيلَ بِإِطْلَاقِ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْمُصَدَّقَ أَيُّهُمَا؟ وَأَنْكَرَ الْإِمَامُ هَذَا، وَقَالَ: مَنْ أَنْكَرَ أَصْلَ الْعُضْوِ، أَنْكَرَ الْجِنَايَةَ عَلَيْهِ، فَيُقْطَعُ بِتَصْدِيقِهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا اخْتَلَفَا فِي صِحَّتِهِ، وَمِنْهُ مَا إِذَا قَطَعَ كَفَّهُ.

وَاخْتَلَفَا فِي نَقْصِ أُصْبُعٍ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَا إِذَا ادَّعَى الْمَقْطُوعُ قَطْعَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ، وَقَالَ الْجَانِي: لَمْ أَقْطَعْ إِلَّا أَحَدَهُمَا.

الرَّابِعَةُ: قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَمَاتَ، فَقَالَ الْجَانِي: مَاتَ بِالسِّرَايَةِ، فَعَلَيَّ دِيَةٌ، وَقَالَ الْوَلِيُّ: بَلْ مَاتَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ، فَعَلَيْكَ دِيَتَانِ، نُظِرَ، إِنْ لَمْ يُمْكِنِ الِانْدِمَالُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لِقَصَرِهَا كَيَوْمٍ وَيَوْمَيْنِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي بِلَا يَمِينٍ.

وَقِيلَ: بِيَمِينٍ، قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، لِاحْتِمَالِ الْمَوْتِ بِعَارِضٍ، كَحَيَّةٍ وَسُمٍّ مُذَفَّفٍ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الِانْدِمَالِ فَقَطْ، فَلَا يُنْظَرُ إِلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَ الِانْدِمَالُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَفِيهِ أَوْجُهٌ.

أَصَحُّهَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَلِيِّ بِيَمِينِهِ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ، وَالثَّانِي: إِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَبْقَى الْجِرَاحَةُ فِيهَا غَيْرَ مُنْدَمِلَةٍ، صَدَّقَ الْوَلِيَّ بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا فَيَمِينٌ، قَطَعَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ.

وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ احْتِمَالُ الِانْدِمَالِ مَعَ إِمْكَانِهِ بَعِيدًا، صُدِّقَ الْجَانِي بِيَمِينِهِ، وَإِلَّا فَالْوَلِيُّ، وَادَّعَى الْإِمَامُ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ كَمَا ادَّعَى، وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي مُضِيِّ زَمَنِ الِانْدِمَالِ، صُدِّقَ الْجَانِي، لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ لَمْ يَمْضِ.

وَلَوْ قَالَ الْجَانِي: مَاتَ بِالسِّرَايَةِ، أَوْ قَتَلْتُهُ أَنَا قَبْلَ الِانْدِمَالِ، وَقَالَ الْوَلِيُّ: بَلْ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ، بِأَنْ قَالَ: قَتَلَ نَفْسَهُ، أَوْ قَتَلَهُ آخَرُ، أَوْ شَرِبَ سُمًّا مُوحِيًا، فَأَيُّهُمَا يُصَدَّقُ؟ وَجْهَانِ.

أَصَحُّهُمَا: الْوَلِيُّ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الدِّيَتَيْنِ بِالْجِنَايَتَيْنِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ السَّبَبِ الْآخَرِ، وَلَوِ اقْتَصَرَ الْوَلِيُّ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ، قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: لَا يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِهِ إِنْ قَصُرَ الزَّمَانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>