بِالنِّصْفِ، فَإِنْ مَاتَ الْجَانِي، أَوْ قُتِلَ ظُلْمًا، أَوْ فِي قِصَاصٍ آخَرَ، تَعَيَّنَ أَخْذُ نِصْفِ الدِّيَةِ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَلَوْ قَطَعَ يَدَيْ رَجُلٍ، فَقُطِعَتْ يَدَاهُ قِصَاصًا، ثُمَّ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ، فَلِلْوَلِيِّ حَزُّ رَقَبَةِ الْجَانِي، فَلَوْ عَفَا، فَلَا مَالَ لَهُ، لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ، وَهَذِهِ صُورَةٌ يُسْتَحَقُّ فِيهَا الْقِصَاصَ وَلَا تُسْتَحَقُّ الدِّيَةُ بِالْعَفْوِ عَلَيْهَا، وَلَوِ اقْتَصَّ مِنْ قَاطِعِ الْيَدِ، فَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُقْتَصِّ.
وَلَوْ مَاتَا جَمِيعًا بِالسِّرَايَةِ بَعْدَ الِاقْتِصَاصِ فِي الْيَدِ، نُظِرَ، إِنْ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوَّلًا، أَوْ مَاتَا مَعًا، فَوَجْهَانِ.
الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي.
وَالثَّانِي: أَنَّ فِي تَرِكَتِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ، وَإِنْ مَاتَ الْجَانِي أَوَّلًا، فَهَلْ يَجِبُ فِي تَرِكَتِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، أَمْ لَا شَيْءَ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمُوضِحَةِ، وَجَبَ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الدِّيَةِ وَنِصْفُ عُشْرِهَا، وَقَدْ أَخَذَ بِقِصَاصِ الْمُوضِحَةِ نِصْفَ الْعُشْرِ.
فَرْعٌ.
قَطَعَهُ، فَحَزَّ الْمَقْطُوعُ رَقَبَةَ الْجَانِي، فَإِنْ مَاتَ الْمَقْطُوعُ بِالسِّرَايَةِ، صَارَ قِصَاصًا، وَإِنِ انْدَمَلَ، قُتِلَ قِصَاصًا، وَفِي تَرِكَةِ الْجَانِي نِصْفُ الدِّيَةِ لِقَطْعِهِ الْيَدَ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ.
قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ وَقَتَلَ آخَرَ ثُمَّ مَاتَ الْمَقْطُوعُ بِالسِّرَايَةِ فَقَدْ قَتَلَ شَخْصَيْنِ، نَقَلَ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» عَنِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِالْمَقْتُولِ دُونَ الْمَقْطُوعِ، لِأَنَّ قِصَاصَ الْمَقْطُوعِ وَجَبَ بِالسِّرَايَةِ وَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ وُجُوبِهِ لِلْمَقْتُولِ، لَكِنْ لِوَلِيِّ الْمَقْطُوعِ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ، فَإِذَا قَتَلَهُ الْآخَرُ، أَخَذَ نِصْفَ الدِّيَةِ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَتَوَقَّفَ فِي تَخْصِيصِ الِاقْتِصَاصِ فِي النَّفْسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute