فَرْعٌ.
الْمُمَاثَلَةُ مَرْعِيَّةٌ فِي قِصَاصِ الطَّرَفِ، كَمَا هِيَ مَرْعِيَّةٌ فِي قِصَاصِ النَّفْسِ بِشَرْطِ إِمْكَانِ رِعَايَتِهَا، فَلَوْ أَبَانَ طَرَفًا مِنْ أَطْرَافِهِ بِمُثَقَّلٍ، لَمْ يُقْتَصَّ إِلَّا بِالسَّيْفِ.
وَلَوْ أَوْضَحَ رَأْسَهُ بِالسَّيْفِ، لَمْ يُوضَحْ بِالسَّيْفِ، بَلْ يُوضَحُ بِحَدِيدَةٍ خَفِيفَةٍ، فَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَوْثُوقًا بِهِ مَضْبُوطًا، قُوبِلَ بِمِثْلِهِ، كَفَقْءِ الْعَيْنِ بِالْأُصْبُعِ.
قَطَعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْكُوعِ، ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ سَاعِدَهُ مِنَ الْمِرْفَقِ قَبْلَ انْدِمَالِ الْقَطْعِ الْأَوَّلِ، فَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ، فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِمَا، وَطَرِيقُ اسْتِيفَائِهِ مِنَ الْأَوَّلِ أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ مِنَ الْكُوعِ، فَإِنْ لَمْ يَمُتْ، حُزَّتْ رَقَبَتُهُ.
وَأَمَّا الثَّانِي، فَإِنْ كَانَ لَهُ سَاعِدٌ بِلَا كَفٍّ، اقْتُصَّ مِنْهُ بِقَطْعِ مِرْفَقِهِ، ثُمَّ يُقْتَلُ، وَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ سَلِيمَةً، فَهَلْ تُقْطَعُ مِنَ الْمِرْفَقِ ثُمَّ تُحَزُّ رَقَبَتُهُ، أَمْ يُقْتَصَرُ عَلَى الْحَزِّ؟ قَوْلَانِ وَيُقَالُ: وَجْهَانِ.
أَظْهَرُهُمَا: الْأَوَّلُ، وَهُوَ نَصُّهُ فِي «الْمُخْتَصَرِ» لِتَرِدَ الْحَدِيدَةُ عَلَى مَوْرِدِهَا فِي الْجِنَايَةِ، وَلَا عِبْرَةَ بِزِيَادَةِ الْكَفِّ الْهَالِكَةِ بِهَلَاكِ النَّفْسِ، وَلَوْ أَرَادَ الْوَلِيُّ الْعَفْوَ عَنِ الْأَوَّلِ بَعْدَ أَنْ أَقْطَعَهُ مِنَ الْكُوعِ، قَالَ الْأَصْحَابُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْفُوَ عَلَى مَالٍ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، فَإِنَّهُ أَحَدُ الْقَاتِلِينَ، وَقَدِ اسْتَوْفَى النِّصْفَ بِالْيَدِ الَّتِي قَطَعَهَا، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَعْفُوَ عَنِ الثَّانِي عَلَى مَالٍ، فَلَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ إِلَّا قَدْرَ أَرْشِ السَّاعِدِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ مِنْهُ إِلَّا السَّاعِدَ.
إِذَا اقْتُصَّ مَنْ قَاطِعِ الْيَدِ، ثُمَّ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ، فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَحُزَّ رَقَبَتَهُ، وَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ وَيَأْخُذَ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَالْيَدُ الْمُسْتَوْفَاةُ مُقَابِلَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute