الْعَفْوَ، وَأَمَّا إِذَا أَضَافَ الْعَفْوَ إِلَى السَّيِّدِ، فَقَالَ: عَفَوْتُ عَنْكَ، فَيَصِحُّ إِنْ عَلَّقْنَا الْأَرْشَ بِالرَّقَبَةِ فَقَطْ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ أَضَافَهُ إِلَى الْعَبْدِ، فَإِنْ قُلْنَا: يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ فَقَطْ، لَمْ يَصِحَّ، وَإِلَّا فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَاتِلِ، أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْجِنَايَةُ مُوجِبَةٌ لِلْقِصَاصِ، فَالْعَفْوُ عَنِ الْعَبْدِ صَحِيحٌ، فَإِنَّهُ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: جَرَحَ حُرٌّ رَجُلًا خَطَأً، فَعَفَا عَنْهُ، ثُمَّ سَرَتِ الْجِنَايَةُ إِلَى النَّفْسِ، بُنِيَ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ تَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ابْتِدَاءً، أَمْ عَلَى الْقَاتِلِ، ثُمَّ تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ، وَفِيهِ خِلَافٌ مَذْكُورٌ فِي بَابِهِ.
فَإِنْ قَالَ: عَفَوْتُ عَنِ الْعَاقِلَةِ، أَوْ أَسْقَطْتُ الدِّيَةَ عَنْهُمْ، أَوْ قَالَ: عَفَوْتُ عَنِ الدِّيَةِ، فَهَذَا تَبَرُّعٌ عَلَى غَيْرِ الْقَاتِلِ، فَيَنْفُذُ إِذَا وَفَّى الثُّلُثُ بِهِ، وَيَبْرَءُونَ، سَوَاءٌ جَعَلْنَاهُمْ مُتَأَصِّلِينَ أَمْ مُتَحَمِّلِينَ، وَإِنْ قَالَ لِلْجَانِي: عَفَوْتُ عَنْكَ، لَمْ يَصِحَّ.
وَقِيلَ: إِنْ قُلْنَا: يُلَاقِيهِ الْوُجُوبُ ثُمَّ يَحْمِلُ عَنْهُ، صَحَّ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْوُجُوبِ يَنْتَقِلُ عَنْهُ، فَيُصَادِفُهُ الْعَفْوُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، هَذَا إِذَا ثَبَتَتِ الْجِنَايَةُ بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِاعْتِرَافِ الْعَاقِلَةِ، فَأَمَّا إِذَا أَقَرَّ الْقَاتِلُ، وَأَنْكَرَتِ الْعَاقِلَةُ، فَالدِّيَةُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَيَكُونُ الْعَفْوُ تَبَرُّعًا عَلَى الْقَاتِلِ، فَفِيهِ الْخِلَافُ.
وَلَوْ عَفَا الْوَارِثُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَنِ الْعَاقِلَةِ، أَوْ مُطْلَقًا، صَحَّ، وَلَوْ عَفَا عَنِ الْجَانِي، لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ، صَحَّ.
فَرْعٌ.
لَوْ كَانَ الْجَانِي ذِمِّيًّا وَعَاقِلَتُهُ مُسْلِمِينَ أَوْ حَرْبِيِّينَ، فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ، فَإِنْ عَفَا عَنْهَا، فَهِيَ وَصِيَّةٌ لِلْقَاتِلِ، وَفِيهَا الْقَوْلَانِ.
الْخَامِسَةُ: جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً تُوجِبُ الْقِصَاصَ لَوِ انْدَمَلَتْ، كَقَطْعِ يَدٍ، فَعَفَا عَلَى الدِّيَةِ، ثُمَّ سَرَتْ إِلَى النَّفْسِ، لَمْ يَجِبِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute