فَهَلْ يَسْتَرِدُّ مِنْ أَرْشِ الْأُولَى مَا يَرُدُّهُ إِلَى قَدَرِ الْحُكُومَةِ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ، وَإِنْ ضَعُفَتِ الثَّانِيَةُ لَمَّا قُطِعَتِ الْأُولَى، وَبَطَلَ بَطْشُهَا، عَرَفْنَا أَنَّ الْأَصْلِيَّةَ هِيَ الْمَقْطُوعَةُ، فَعَلَى قَاطِعِهَا الْقِصَاصُ أَوْ كَمَالُ الدِّيَةِ، قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا قِصَاصَ.
الْعُضْوُ الْعَاشِرُ: الرَّجُلَانِ؛ فَفِيهِمَا كَمَالُ الدِّيَةِ، وَفِي إِحْدَاهُمَا نِصْفُهَا، وَرِجْلُ الْأَعْرَجِ كَرِجْلِ الصَّحِيحِ، لِأَنَّهُ لَا خَلَلَ فِي الْعُضْوِ، وَلَوْ قَطَعَ رِجْلًا تَعَطَّلَ مَشْيُهَا بِكَسْرِ الْفَقَارِ؛ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: الْوَاجِبُ الْحُكُومَةُ، كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ، وَأَصَحُّهُمَا: الدِّيَةُ، لِأَنَّ الرِّجْلَ صَحِيحَةٌ، وَالْخَلَلُ فِي غَيْرِهَا، وَتَكْمُلُ دِيَةُ الرِّجْلَيْنِ بِالْتِقَاطِ أَصَابِعِهِمَا، وَالْقَدَمُ كَالْكَفِّ، وَالسَّاقُ كَالسَّاعِدِ، وَالْفَخِذُ كَالْعَضُدِ، وَأَنَامِلُ أَصَابِعِ الرِّجْلِ كَأَنَامِلِ أَصَابِعِ الْيَدِ، وَقَدَمَانِ عَلَى سَاقٍ، وَسَاقَانِ عَلَى رُكْبَةٍ كَكَفَّيْنِ عَلَى مِعْصَمٍ، وَسَاعِدَيْنِ عَلَى عَضُدٍ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ الْجَمِيعِ، وَكَذَا يُقَاسُ بِمَا تَقَدَّمَ حُكْمُ الرِّجْلِ الشَّلَّاءِ، وَحُصُولُ الشَّلَلِ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا.
الْعُضْوُ الْحَادِي عَشَرَ: حَلَمَتَا الْمَرْأَةِ، وَفِيهِمَا كَمَالُ دِيَتِهَا، وَفِي إِحْدَاهُمَا نِصْفُهَا، وَالْحَلَمَةُ: الْمُجْتَمِعُ نَابِتًا عَلَى رَأْسِ الثَّدْيِ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْنُ الْحَلَمَةِ يُخَالِفُ لَوْنَ الثَّدْيِ غَالِبًا، وَحَوَالَيْهَا دَارَةً عَلَى لَوْنِهَا، وَهِيَ مِنَ الثَّدْيِ لَا مِنَ الْحَلَمَةِ، وَلَوْ قُطِعَ الثَّدْيُ مَعَ الْحَلَمَةِ، لَمْ يَجِبْ إِلَّا الدِّيَةُ، وَتَدْخُلْ فِيهَا حُكُومَةُ الثَّدْيِ، وَفِيهِ وَجْهٌ قَدَّمْنَاهُ. وَعَنِ الْمَاسَرْجَسِيِّ نَقَلَهُ قَوْلًا، وَلَوْ قُطِعَ مَعَ الثَّدْيِ جِلْدَةُ الصَّدْرِ، وَجَبَتْ حُكُومَةُ الْجِلْدَةِ مَعَ الدِّيَةِ قَطْعًا، وَإِنْ وَصَلَتِ الْجِرَاحَةُ إِلَى الْبَاطِنِ، وَجَبَ مَعَ دِيَةِ الْحَلَمَةِ أَرَشُ الْجَائِفَةِ، وَهَلْ يَجِبُ فِي قَطْعِ حَلَمَةِ الرَّجُلِ دِيَةٌ أَمْ حُكُومَةٌ؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: حُكُومَةٌ، وَقِيلَ: حُكُومَةٌ قَطْعًا، وَلَوْ قُطِعَ مَعَ حَلَمَةِ الرَّجُلِ الثَّنْدُوَةُ، أُفْرِدَتِ الثَّنْدُوَةُ بِحُكُومَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: إِذَا أَوْجَبْنَا فِي حَلَمَتِهِ دِيَةً، دَخَلَتْ فِيهَا حُكُومَةُ الثَّنْدُوَةِ؛ وَالثَّنْدُوَةُ: لَحْمَةٌ تَحْتَ الْحَلَمَةِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ مَهْزُولًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute