لِنَقْصِهِمَا بِتَشَوُّهِ الْخِلْقَةِ، وَلَوْ قُطِعَتْ إِحْدَاهُمَا لَمْ يَجِبِ الْقِصَاصُ، وَيَجِبْ فِيهَا نِصْفُ دِيَةٍ وَزِيَادَةُ حُكُومَةٍ، وَقِيلَ: لَا تَجِبُ الْحُكُومَةُ، وَهُوَ غَرِيبٌ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.
فَعَلَى هَذَا فِي الْأُصْبُعِ مِنْهَا نِصْفُ دِيَةِ أُصْبُعٍ وَحُكُومَةٌ، وَفِي الْأُنْمُلَةِ نِصْفُ دِيَةِ أُنْمُلَةٍ وَحُكُومَةٌ، وَلَوْ عَادَ الْجَانِي بَعْدَ أَخْذِ الْأَرْشِ وَالْحُكُومَةِ مِنْهُ، فَقَطَعَ الْيَدَ الْأُخْرَى، وَأَرَادَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْقِصَاصَ وَرَدَّ مَا أَخَذَهُ غَيْرَ قَدْرِ الْحُكُومَةِ، هَلْ لَهُ ذَلِكَ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: لَا؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ بَعْضَ الْقِصَاصِ فَلَا عَوْدَ إِلَيْهِ، وَالثَّانِي: نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا، وَإِنَّمَا أَخَذَ الْأَرْشَ لِتَعَذُّرِهِ لَا لِإِسْقَاطِهِ.
فَرْعٌ
لَوْ قَطَعَ صَاحِبُ الْيَدَيْنِ الْبَاطِشَتَيْنِ يَدَ مُعْتَدِلٍ لَمْ تُقْطَعْ يَدَاهُ لِلزِّيَادَةِ، وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْطَعَ إِحْدَاهُمَا، وَيَأْخُذَ نِصْفَ دِيَةِ الْيَدِ نَاقِصًا بِشَيْءٍ؛ فَلَوْ بَادَرَ وَقَطَعَهُمَا عُزِّرَ، وَأُخِذَتْ مِنْهُ حُكُومَةٌ لِلزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَى يَدَيِ الْقَاطِعِ زَائِدَةً، وَأَمْكَنَ إِفْرَادُ الْأَصْلِيَّةِ بِالْقَطْعِ؛ قُطِعَتْ وَلَمْ يَلْزَمْ شَيْءٌ آخَرُ؛ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ إِحْدَاهُمَا زَائِدَةٌ وَلَمْ تُعْلَمْ عَيْنُهَا، لَمْ تُقْطَعْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا.
كَانَتْ إِحْدَى يَمِينَيْهِ بَاطِشَةً دُونَ الْأُخْرَى، فَقُطِعَتِ الْبَاطِشَةُ، فَاسْتَوْفَى دِيَتَهَا، فَصَارَتِ الْأُخْرَى بَاطِشَةً، أَوْ كَانَتْ نَاقِصَةَ الْبَطْشِ، فَقَوِيَ، فَقَدْ تَبَيَّنَّا أَنَّ الثَّانِيَةَ أَصْلِيَّةً حَتَّى لَوْ قَطَعَهَا قَاطِعٌ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ، أَوْ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَهَلْ يَسْتَرِدُّ الْقَاطِعُ أَوَّلًا الْأَرْشَ وَيَرُدُّ إِلَى مِقْدَارِ الْحُكُومَةِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا؛ فَلَا يُغَيِّرُ مَا مَضَى، وَهَذِهِ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ كَانَتَا بَاطِشَتَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ، فَغَرَّمْنَا قَاطِعَ إِحْدَاهُمَا نِصْفَ دِيَةِ الْيَدِ وَزِيَادَةَ حُكُومَةٍ، فَازْدَادَتْ قُوَّةُ الْبَاقِيَةِ، وَاشْتَدَّ بَطْشُهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute