للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ قَطَعَ بَعْضَ لِسَانِهِ، وَلَمْ يَبْطُلْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِهِ، هَلْ تَجِبُ الْحُكُومَةُ أَمْ قِسْطُ الْمَقْطُوعِ مِنَ الدِّيَةِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الْحُكُومَةُ، إِذْ لَوْ وَجَبَ الْقِسْطُ لَلَزِمَ إِيجَابُ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ.

السَّادِسُ: الصَّوْتُ، فَإِذَا جَنَى عَلَى شَخْصٍ، فَأَبْطَلَ صَوْتَهُ، وَبَقِيَ اللِّسَانُ عَلَى اعْتِدَالِهِ، وَيُمَكِّنُهُ مِنَ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ، لَزِمَهُ لِإِبْطَالِ الصَّوْتِ كَمَالُ الدِّيَةِ؛ فَإِنْ أَبْطَلَ مَعَهُ حَرَكَةَ اللِّسَانِ حَتَّى عَجَزَ عَنِ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ، فَوَجْهَانِ: أَرْجَحُهُمَا: يَجِبُ دِيَتَانِ، لِأَنَّهُمَا مَنْفَعَتَانِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ إِذَا أُفْرِدَتْ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَالثَّانِي: يَجِبُ دِيَةٌ فَقَطْ. فَإِنْ قُلْنَا: دِيَتَانِ، وَكَانَتْ حَرَكَةُ اللِّسَانِ بَاقِيَةً فَقَدْ تَعَطَّلَ النُّطْقُ بِسَبَبِ فَوَاتِ الصَّوْتِ، فَيَجِيءُ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي أَنَّ تَعَطُّلَ الْمَنْفَعَةِ هَلْ هُوَ كَزَوَالِهَا؟ فَإِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، وَجَبَ دِيَتَانِ، وَإِلَّا فَدِيَةٌ.

السَّابِعُ: الذَّوْقُ، وَفِي إِبْطَالِهِ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَقَدْ يَبْطُلُ بِجِنَايَةٍ عَلَى اللِّسَانِ أَوِ الرَّقَبَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَالْمُدْرَكُ بِالذَّوْقِ خَمْسَةُ أَشْيَاءٍ: الْحَلَاوَةُ وَالْحُمُوضَةُ وَالْمَرَارَةُ وَالْمُلُوحَةُ وَالْعُذُوبَةُ؛ وَالدِّيَةُ تَتَوَزَّعُ عَلَيْهَا؛ فَإِذَا أُبْطِلَ إِدْرَاكٌ وَاحِدٌ، وَجَبَ خُمْسُ الدِّيَةِ، وَلَوْ نَقَصَ الْإِحْسَاسُ فَلَمْ يُدْرِكِ الطُّعُومَ عَلَى كَمَالِهَا؛ فَالْوَاجِبُ الْحُكُومَةُ، وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي ذَهَابِ الذَّوْقِ، جُرِّبَ بِالْأَشْيَاءِ الْمُرَّةِ أَوِ الْحَامِضَةِ الْحَادَّةِ؛ فَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ تَعَبُّسٌ وَكَرَاهَةٌ، صَدَّقْنَا الْجَانِيَ بِيَمِينِهِ، وَإِلَّا فَالْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ. وَلَوْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً زَالَ بِهَا ذَوْقُهُ وَنُطْقُهُ، وَجَبَ دِيَتَانِ.

الثَّامِنُ: الْمَضْغُ، وَفِي إِبْطَالِهِ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَلِإِبْطَالِهِ طَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يُصْلَبَ مَغْرَسُ اللِّحْيَيْنِ حَتَّى تَمْتَنِعَ حَرَكَتُهُمَا مَجِيئًا وَذَهَابًا، وَالثَّانِي: أَنْ يَجْنِيَ عَلَى الْأَسْنَانِ، فَيُصِيبَهُمَا خَدَرٌ، وَتَبْطُلَ صَلَاحِيَتُهُمَا لِلْمَضْغِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>