التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ وَالْحَادِي عَشَرَ: الْإِمْنَاءُ وَالْإِحْبَالُ وَالْجِمَاعُ؛ فَإِذَا كَسَرَ صُلْبَهُ، فَأَبْطَلَ قُوَّةَ إِمْنَائِهِ، وَجَبَ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَلَوْ قَطَعَ أُنْثَيَيْهِ، فَذَهَبَ مَاؤُهُ، لَزِمَهُ دِيَتَانِ، وَكَذَا لَوْ أَبْطَلَ مِنَ الْمَرْأَةِ قُوَّةَ الْإِحْبَالِ، لَزِمَهُ دِيَتُهَا، وَلَوْ جَنَى عَلَى ثَدْيِهَا، فَانْقَطَعَ لَبَنُهَا، لَزِمَهُ حُكُومَةٌ، فَإِنْ نَقَصَ، وَجَبَتْ حُكُومَةٌ تَلِيقُ بِهِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ عِنْدَ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَمْ يُدَرَّ لَهَا لَبَنٌ، وَامْتَنَعَ بِهِ الْإِرْضَاعُ، وَجَبَتْ حُكُومَةٌ إِذَا قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إِنَّ الِانْقِطَاعَ بِجِنَايَتِهِ، أَوْ جَوَّزُوا أَنْ يَكُونَ هُوَ سَبَبَهَا، وَلِلْإِمَامِ احْتِمَالٌ أَنَّهُ تَجِبُ الدِّيَةُ بِإِبْطَالِ الْإِرْضَاعِ.
وَلَوْ جَنَى عَلَى صُلْبِهِ؛ فَذَهَبَ جِمَاعُهُ، وَجَبَتِ الدِّيَةُ، لِأَنَّ الْمُجَامَعَةَ مِنَ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ، وَلَوِ ادَّعَى ذَهَابَهُ، فَأَنْكَرَ الْجَانِي، صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ، لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْهُ.
ثُمَّ إِنَّهُمْ صَوَّرُوا ذَهَابَ الْجِمَاعِ فِيمَا إِذَا لَمْ يَنْقَطِعْ مَاؤُهُ وَبَقِيَ ذَكَرُهُ سَلِيمًا، وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَوْ كَسَرَ صُلْبَهُ، وَأَشَلَّ ذَكَرَهُ؛ فَعَلَيْهِ دِيَةُ الذَّكَرِ وَحُكُومَةٌ لَكَسْرِ الصُّلْبِ، وَإِذَا كَانَ الذَّكَرُ سَلِيمًا، كَانَ الشَّخْصُ قَادِرًا عَلَى الْجِمَاعِ حِسًّا، فَأَشْعَرَ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِذَهَابِ الْجِمَاعِ بُطْلَانَ الِالْتِذَاذِ بِهِ وَالرَّغْبَةِ فِيهِ؛ وَلِذَلِكَ صَوَّرَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ الْمَسْأَلَةَ فِي إِبْطَالِ شَهْوَةِ الْجِمَاعِ مَعَ أَنَّ الْإِمَامَ اسْتَبْعَدَ ذَهَابَ الشَّهْوَةِ مَعَ بَقَاءِ الْمَنِيِّ.
فَرْعٌ
لَوْ جَنَى عَلَى عُنُقِهِ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ ابْتِلَاعُ الطَّعَامِ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ لِالْتِوَاءِ الْعُنُقِ أَوْ غَيْرِهِ، لَزِمَهُ حُكُومَةٌ، فَلَوْ لَمْ يَنْفُذِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ أَصْلًا لِانْسِدَادِ الْمَنْفَذِ، فَلَا يَعِيشُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَلَمْ تَزِدْ طَائِفَةٌ مِنَ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهُ إِنْ سَاغَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، فَحُكُومَةٌ، وَإِنْ مَاتَ فَالدِّيَةُ. وَنَقَلَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ أَنَّ نَفْسَ الْجِنَايَةِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى الِانْسِدَادِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute