تُوجِبُ الدِّيَةَ حَتَّى لَوْ حَزَّ غَيْرُهُ رَقَبَتَهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، لَزِمَ الْأَوَّلَ دِيَةٌ، وَلَوْ مَاتَ بِامْتِنَاعِ نُفُوذِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، قَالَ الْإِمَامُ: إِنْ قُلْنَا: مَنْ قَطَعَ يَدَيْ رَجُلٍ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ حَزَّ رَقَبَتَهُ، تَلْزَمُهُ دِيَةٌ فَقَطْ، فَكَذَا هُنَا، وَإِنْ قُلْنَا: هُنَاكَ دِيَتَانِ، فَيُحْتَمَلُ هُنَا دِيَةٌ وَيُحْتَمَلُ دِيَتَانِ.
الثَّانِي عَشَرَ: إِفْضَاءُ الْمَرْأَةِ، وَفِيهِ كَمَالُ دِيَةٍ، وَهُوَ رَفْعُ الْحَاجِزِ بَيْنَ مَسْلَكِ الْجِمَاعِ وَالدُّبُرِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: رَفْعُ الْحَاجِزِ بَيْنَ مَسْلَكِ الْجِمَاعِ وَمَخْرَجِ الْبَوْلِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: الصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِفْضَاءٌ مُوجِبٌ لِلدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ يَخْتَلُّ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمْنَعُ إِمْسَاكَ الْخَارِجِ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ؛ فَعَلَى هَذَا لَوْ أَزَالَ الْحَاجِزَيْنِ، لَزِمَهُ دِيَتَانِ.
وَتَخْتَلِفُ الدِّيَةُ الْوَاجِبَةُ بِالْإِفْضَاءِ خِفَّةً وَغِلْظًا بِاخْتِلَافِ حَالِ الْإِفْضَاءِ، فَقَدْ يَكُونُ عَمْدًا مَحْضًا، بِأَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ ضَعِيفَةً أَوْ نَحِيفَةً، وَالْغَالِبُ إِفْضَاءُ وَطْئِهَا إِلَى الْإِفْضَاءِ، وَقَدْ يَكُونُ عَمْدَ خَطَأٍ، بِأَنْ لَا يَتَضَمَّنَ وَطْؤُهَا الْإِفْضَاءَ غَالِبًا، وَقَدْ يَكُونُ خَطَأً مَحْضًا، بِأَنْ يَجِدَ امْرَأَةً عَلَى فِرَاشِهِ، فَيَظُنَّهَا امْرَأَتَهُ الَّتِي عَهِدَهَا، فَيَطَؤُهَا فَيُفْضِيهَا.
هَذَا إِذَا حَصَلَ الْإِفْضَاءُ بِالْوَطْءِ، وَلَا فَرْقَ فِي الدِّيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَحْصُلَ بِأُصْبُعٍ أَوْ خَشَبَةٍ أَوْ شَيْءٍ مُحَدَّدٍ، وَإِذَا أَفْضَاهَا؛ فَصَارَ بَوْلُهَا يَسْتَرْسِلُ وَلَا يَسْتَمْسِكُ، لَزِمَهُ مَعَ الدِّيَةِ حُكُومَةُ الشَّيْنِ، وَقِيلَ: لَا حُكُومَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَسَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ بِالْإِفْضَاءِ الْحَاصِلِ بِالْوَطْءِ، الزَّوْجُ وَالْوَاطِئُ بِشُبْهَةٍ وَالزَّانِي؛ وَيَسْتَقِرُّ الْمَهْرُ عَلَى الزَّوْجِ بِالْوَطْءِ الْمُتَضَمِّنِ لِلْإِفْضَاءِ، وَيَجِبُ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ، وَكَذَا عَلَى الزَّانِي إِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً وَعَلَيْهِ الْحَدُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute