يَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ تَجِبُ بِهِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ إِذَا قَصَدُوا وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً لَا بِأَعْيَانِهِمْ، وَكَذَا لَوْ رَمَى سَهْمًا إِلَى جَمَاعَةٍ، وَلَمْ يُعَيِّنْ أَحَدَهُمْ.
ثُمَّ اسْتَدْرَكَ الْإِمَامُ فَقَالَ: قَوْلُنَا لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ قَصَدَ إِصَابَةَ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ، أَوْ جَمَاعَةٍ لَا بِأَعْيَانِهِمْ وَأَصَابَ الْحَجَرُ بَعْضَهُمْ؛ فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْقَوْمُ مَحْصُورِينَ فِي مَوْضِعٍ وَعَلِمَ الْحَاذِقُ أَنَّهُ إِذَا سَدَّدَ عَلَيْهِمُ الْحَجَرَ أَصَابَ جَمِيعَهُمْ وَحَقَّقَ قَصْدَهُ فَأَتَى عَلَيْهِمْ؛ فَالَّذِي أَرَاهُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ.
التَّاسِعَةُ: جَرَحَ مُرْتَدًّا بِقَطْعِ يَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا؛ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ جَرَحَهُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ جَرَحَهُ ثَلَاثَةٌ آخَرُونَ فَمَاتَ، نُظِرَ؛ إِنْ وَقَعَتِ الْجِرَاحَاتُ الْأَرْبَعُ بَعْدَ انْدِمَالِ الْأُولَى؛ لَزِمَهُمُ الدِّيَةُ أَرْبَاعًا، وَإِنْ وَقَعَتْ قَبْلَ انْدِمَالِهَا وَمَاتَ مِنَ الْجِرَاحَاتِ الْخَمْسِ؛ فَفِيمَا عَلَيْهِمْ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: تُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى عَدَدِ الْجَارِحِينَ وَهُمْ أَرْبَعَةٌ؛ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ رُبُعُهَا، ثُمَّ يَعُودُ مَا عَلَى الْجَارِحِ فِي الرِّدَّةِ إِلَى الثُّمْنِ؛ لِأَنَّ جِرَاحَةَ الرِّدَّةِ مُهْدَرَةٌ.
وَالثَّانِي: تُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى الْجِرَاحَاتِ؛ فَيَسْقُطُ خُمْسُهَا لِلرِّدَّةِ، وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَرْبَعَةِ خُمْسُهَا، كَمَا لَوْ جَرَحَهُ وَاحِدٌ فِي الرِّدَّةِ وَأَرْبَعَةٌ بَعْدَ الْإِسْلَامِ؛ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَرْبَعَةِ خُمْسُ الدِّيَةِ.
وَلَوْ جَرَحَهُ ثَلَاثَةٌ فِي الرِّدَّةِ، ثُمَّ جَرَحُوهُ مَعَ رَابِعٍ فِي الْإِسْلَامِ، وَمَاتَ بِالْجِرَاحَاتِ؛ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَدَّادِ تُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ وَقَدْ جُرِحَ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ جِرَاحَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا فِي الرِّدَّةِ؛ فَيَعُودُ مَا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ إِلَى الثُّمْنِ، وَيَبْقَى عَلَى الرَّابِعِ الرُّبْعُ.
وَعَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ: الْجِرَاحَاتُ سَبْعٌ، فَيَسْقُطُ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ الدِّيَةِ بِجِرَاحَاتِ الرِّدَّةِ، وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ سُبْعُهَا.
وَلَوْ جَرَحَهُ فِي الرِّدَّةِ أَرْبَعَةٌ، ثُمَّ جَرَحَهُ أَحَدُهُمْ مَعَ ثَلَاثَةٍ فِي الْإِسْلَامِ؛ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَدَّادِ: الْجَارِحُونَ سَبْعَةٌ؛ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يَجْرَحُوا إِلَّا فِي الْإِسْلَامِ سُبْعُ الدِّيَةِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَارِحِينَ فِي الرِّدَّةِ فَقَطْ، وَعَلَى الْجَارِحِ فِي الْحَالَيْنِ نِصْفُ سُبْعٍ.
وَعَلَى الْوَجْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute