لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى زَيْدٍ بِتَمَامِ بَدَنِهِ، وَجَنَى عَلَى بَكْرٍ وَلَا يَدَ لَهُ، وَلَا حَقَّ لَهُ فِي بَدَلِهَا، وَأَمَّا حِصَّةُ الْيَدِ؛ فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ بِقَطْعِ الْيَدِ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: وَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ يُغْلِطُ؛ فَيَعْتَبِرُ أَرْشَهَا وَهُوَ نِصْفُ الْقِيمَةِ. قَالَ: وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ يَدَيْ زَيْدٍ يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَصَّ بِجَمِيعِ الْقِيمَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْنِيَ عَلَى اثْنَيْنِ، ثُمَّ تَكُونُ قِيمَتُهُ لِأَحَدِهِمَا، وَالثَّانِي: أَنَّ الْجِرَاحَةَ إِذَا صَارَتْ نَفْسًا، سَقَطَ اعْتِبَارُ بَدَلِ الطَّرَفِ.
فَرْعٌ
فِي مَسَائِلَ مِنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ بَابِ الْعَاقِلَةِ؛ مِنْهَا:
حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا، ثُمَّ أَحْكَمَ رَأْسَهَا، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَفَتَحَهُ، فَوَقَعَ فِيهَا شَخْصٌ؛ فَمَاتَ فَالضَّمَانُ عَلَى فَاتِحِ الرَّأْسِ. وَلَوْ أَحْكَمَ رَأْسَهَا آخَرُ فَفَتَحَهُ ثَالِثٌ؛ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِالثَّالِثِ.
وَلَوْ وَقَعَتْ بَهِيمَةٌ فِي بِئْرِ عُدْوَانٍ فَلَمْ تَتَأَثَّرْ بِالصَّدْمَةِ وَبَقِيَتْ فِيهَا أَيَّامًا؛ فَمَاتَتْ جُوعًا أَوْ عَطَشًا؛ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ لِحُدُوثِ سَبَبٍ آخَرَ، كَمَا لَوِ افْتَرَسَهَا سَبْعٌ فِي الْبِئْرِ.
وَلَوْ تَقَاتَلَ رَجُلَانِ فَرَمَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ؛ فَسَقَطَ بِصَوْلَتِهِ وَتَلَفَ؛ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ سَقَطَ بِصَوْلَتِهِ وَضَرْبَةِ صَاحَبِهِ، وَجَبَ نِصْفُ الضَّمَانِ.
وَلَوْ شَدَّ عُنُقَ أَحَدِ بَعِيرَيْهِ بِالْآخَرِ، وَتَرَكَهُمَا بِالْمَسْرَحِ؛ فَدَخَلَ بِعِيرُ رَجُلٍ بَيْنَهُمَا فَتَلَفَ مِنْ جَذْبَةِ الْحَبْلِ أَحَدُ الْبَعِيرَيْنِ؛ فَلَا ضَمَانَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْبَعِيرُ مَعْرُوفًا بِالْإِفْسَادِ.
الطَّرَفُ الْخَامِسُ فِي حُكْمِ السِّحْرِ: اعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ السِّحْرِ وَقَعَ بَعْضُهُ فِي أَوَّلِ الْجِنَايَاتِ، وَبَعْضُهُ هُنَا، وَمُعْظَمُهُ فِي آخِرِ كِتَابِ دَعْوَى الدَّمِ وَقَدْ رَأَيْتُ تَقْدِيمَ هَذَا الْأَخِيرِ إِلَى هُنَا؛ فَالسَّاحِرُ قَدْ يَأْتِي بِفِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ يَتَغَيَّرُ بِهِ حَالُ الْمَسْحُورِ؛ فَيَمْرَضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute