مَاتَ، حَلَفَ الْوَلِيُّ، وَأَخَذَ الدِّيَةَ، وَذَلِكَ قَدْ يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ، وَقَدْ يَثْبُتُ بِاعْتِرَافِ السَّاحِرِ؛ وَإِنِ ادَّعَى السَّاحِرَ الْبُرْءَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةٌ يُحْتَمَلُ الْبُرْءُ فِيهَا؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ نَصُّ «الْمُخْتَصَرِ» .
فَرْعٌ
قَالَ: قَتَلْتُ بِسِحْرِي جَمَاعَةً، وَلَمْ يُعَيِّنْ أَحَدًا؛ فَلَا قِصَاصَ وَلَا يُقْتَلُ حَدًّا؛ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
إِذَا أَصَابَ غَيْرَهُ بِالْعَيْنِ، وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِالْعَيْنِ فَلَا قِصَاصَ، وَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ حَقًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إِلَى الْقَتْلِ غَالِبًا، وَلَا يُعَدُّ مُهْلِكًا.
قُلْتُ: وَلَا دِيَةَ فِيهِ أَيْضًا وَلَا كَفَّارَةَ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْعَائِنِ أَنْ يَدْعُوَ لِلْمُعِينِ بِالْبَرَكَةِ؛ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ وَلَا تَضُرَّهُ، وَأَنْ يَقُولَ: مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعَيْنُ حَقٌّ، وَإِذَا اسْتَغْسَلْتُمْ فَاغْسِلُوا» قَالَ الْعُلَمَاءُ: الِاسْتِغْسَالُ أَنْ يُقَالَ لِلْعَائِنِ: اغْسِلْ دَاخِلَةَ إِزَارِكَ مِمَّا يَلِي الْجِلْدَ بِمَاءٍ، ثُمَّ يُصَبُّ عَلَى الْمَعِينِ.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ يُؤْمَرُ الْعَائِنُ أَنْ يَتَوَضَّأَ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ الْمَعِينُ.
وَقَدْ جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَحَادِيثُ فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ وَغَيْرِهَا أَوْضَحْتُهَا فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ «الْأَذْكَارِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْعَاقِلَةِ وَمَنْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَفِي جِنَايَةِ الرَّقِيق
قَدْ سَبَقَ عِنْدَ ذِكْرِ جِهَاتِ تَخْفِيفِ الدِّيَةِ وَتَغْلِيظِهَا، أَنَّ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ عَلَى الْجَانِي، وَفِي شِبْهِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ وَسَوَاءٌ فِي الْعَمْدِ كَانَ مُوجِبًا لِلدِّيَةِ ابْتِدَاءً كَقَتْلِ الْأَبِ الِابْنَ، أَمْ كَانَ مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ، ثُمَّ عُفِيَ عَلَى الدِّيَةِ. وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ أَيْضًا دِيَةَ الْأَطْرَافِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute