جِنَايَةِ الْعَمْدِ، ثُمَّ بَدَلُ الْعَمْدِ يَجِبُ حَالًا عَلَى قِيَاسِ أَبِدَالِ الْمَتْلَفَاتِ، وَبَدَلُ شِبْهِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، يَجِبُ مُؤَجَّلًا، وَفِي الْبَابِ أَطْرَافٌ: الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْعَاقِلَةِ، وَالثَّانِي: فِي صِفَتِهِمْ، وَالثَّالِثُ: فِي كَيْفِيَّةِ الضَّرْبِ عَلَيْهِمْ؛ وَهَذِهِ الْأَطْرَافُ مُخْتَصَّةٌ بِجِنَايَةِ الْحُرِّ، وَالرَّابِعُ: فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ.
أَمَّا الْعَاقِلَةُ فَجِهَاتُ التَّحَمُّلِ ثَلَاثٌ: الْقَرَابَةُ وَالْوَلَاءُ وَبَيْتُ الْمَالِ، وَلَيْسَتِ الْمُحَالَفَةُ وَالْمُوَالَاةُ مِنْ جِهَاتِ التَّحَمُّلِ. وَلَا يَتَحَمَّلُ الْحَلِيفُ وَلَا الْعَدِيدُ الَّذِي لَا عَشِيرَةَ لَهُ؛ فَيُدْخِلُ نَفْسَهُ فِي قَبِيلَةٍ لِيُعَدَّ مِنْهَا. وَلَا يَتَحَمَّلُ أَيْضًا عِنْدَنَا أَهْلُ الدِّيوَانِ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ؛ أَمَّا جِهَةُ الْقَرَابَةِ؛ فَإِنَّمَا يَتَحَمَّلُ مِنْهَا مَنْ كَانَ عَلَى حَاشِيَةِ النَّسَبِ وَهُمُ الْإِخْوَةُ وَبَنُوهُمْ وَالْأَعْمَامُ وَبَنُوهُمْ. وَأَمَّا أَبُو الْجَانِي وَأَجْدَادُهُ وَبَنُوهُ وَبَنُو بَنِيهِ؛ فَلَا يَتَحَمَّلُونَ؛ لِأَنَّهُمْ أَبْعَاضُهُ وَأُصُولُهُ؛ فَلَمْ يَتَحَمَّلُوهُ، كَمَا لَا يَتَحَمَّلُ الْجَانِي.
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِدِيَةِ مَقْتُولَةٍ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلَةِ، وَبَرَّأَ زَوْجَهَا وَالْوَلَدَ، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ قَالَ لِرَجُلٍ مَعَهُ ابْنُهُ: «لَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ» أَيْ: لَا يَلْزَمُكَ مُوجَبُ جِنَايَتِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ مُوجَبُ جِنَايَتِكَ.
فَلَوْ جَنَتِ امْرَأَةٌ وَلَهَا ابْنٌ هُوَ ابْنُ ابْنِ عَمِّهَا؛ لَمْ يَتَحَمَّلْ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْبُنُوَّةَ مَانِعَةٌ.
فَرْعٌ
يُقَدَّمُ أَقْرَبُ الْعَصَبَاتِ فَأَقْرَبُهُمْ. وَمَعْنَى التَّقْدِيمِ: أَنْ يُنْظَرَ فِي الْوَاجِبِ عِنْدَ آخِرِ الْحَوْلِ، وَفِي الْأَقْرَبِينَ فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ وَفَاءٌ إِذَا وُزِّعَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ لِقِلَّةِ الْوَاجِبِ أَوْ لِكَثْرَتِهِمْ، وُزِّعَ عَلَيْهِمْ وَلَا يُشَارِكُهُمْ مَنْ بَعْدَهُمْ وَإِلَّا فَيُشَارِكُهُمْ فِي التَّحَمُّلِ مَنْ بَعْدَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ.
وَالْمُقَدَّمُ مِنَ الْعَاقِلَةِ الْإِخْوَةُ ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا، ثُمَّ الْأَعْمَامُ ثُمَّ بَنُوهُمْ، ثُمَّ أَعْمَامُ الْأَبِ ثُمَّ بَنُوهُمْ، ثُمَّ أَعْمَامُ الْجَدِّ ثُمَّ بَنُوهُمْ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْمِيرَاثِ. وَهَلْ يُقَدَّمُ مَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute