للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَخْصًا، قَالَ الْأَصْحَابَ: إِنْ قُلْنَا: لَا يُقِرُّ عَلَيْهِ؛ فَهُوَ مُرْتَدٌ لَا عَاقِلَةَ لَهُ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: يُقِرُّ، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، عَلَى أَيِّ دِينٍ كَانُوا؛ وَلْيَكُنْ تَحَمُّلُهُمْ عَلَى خِلَافٍ نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مُتَّصِلًا بِهِ.

وَلَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ رَجُلًا خَطَأً، وَأَسْلَمَ، ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ؛ فَأَرْشُ الْجُرْحِ عَلَى عَاقِلَتِهِ الذِّمِّيِّينَ، وَالْبَاقِي فِي مَالِهِ؛ فَإِنْ زَادَ أَرْشُ الْجُرْحِ عَلَى دِيَةٍ بِأَنْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ؛ فَالْوَاجِبُ دِيَةُ النَّفْسِ عَلَى عَاقِلَتِهِ الذِّمِّيِّينَ؛ قَالَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ وَوَافَقَهُ الْجُمْهُورُ، وَفِيهِ وَجْهٌ قَطَعَ بِهِ فِي «الْمُهَذَّبِ» أَنَّ الْأَرْشَ وَالزَّائِدَ عَلَى الْعَاقِلَةِ الذِّمِّيِّينَ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجُرْحِ، وَلَوْ عَادَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَجَنَى عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ جِنَايَةً أُخْرَى خَطَأً، وَمَاتَ مِنْهُمَا؛ فَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ.

وَأَمَّا الذِّمِّيُّونَ، فَإِنْ كَانَ أَرْشُ الْجُرْحِ نِصْفَ الدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ؛ فَعَلَيْهِمُ النِّصْفُ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ كَأَرْشِ مُوضِحَةٍ؛ فَهُوَ عَلَى الذِّمِّيِّينَ، وَمَا زَادَ إِلَى تَمَامِ النِّصْفِ؛ فَعَلَى الْجَانِي، وَإِنْ كَانَ الْجُرْحُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ مُذَفَّفًا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَغَيْرُهُ: أَرْشُ الْجُرْحِ الْوَاقِعِ فِي الْكُفْرِ عَلَى الذِّمِّيِّينَ، وَالْبَاقِي إِلَى تَمَامِ الدِّيَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَفِي «النِّهَايَةِ» وَ «الْبَيَانِ» إِنَّ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ فِيمَنْ جُرِحَ ثُمَّ قُتِلَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ أَرْشُ جُرْحِهِ فِي الدِّيَةِ؛ وَأَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ وَهُوَ الدُّخُولُ؛ فَجَمِيعُ الدِّيَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

وَلَوْ عَادَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ؛ فَجُرْحُهُ مَعَ آخَرَ خَطَأٌ، بُنِيَ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ أَنَّ الدِّيَةَ تُوَزَّعُ عَلَى الْجَارِحِينَ أَمْ عَلَى الْجِرَاحَاتِ؟ إِنْ قُلْنَا: عَلَى الْجَارِحِينَ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَهُوَ وَاجِبٌ بِالْجُرْحَيْنِ؛ فَحِصَّةُ جُرْحِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ الرُّبْعُ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ.

وَأَمَّا جُرْحُ الْكُفْرِ؛ فَإِنْ كَانَ أَرْشُهُ كَرُبُعِ الدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ؛ فَعَلَى الذِّمِّيِّينَ الرُّبْعُ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ دُونَ الرُّبْعِ؛ فَعَلَيْهِمْ قَدْرُ الْأَرْشِ، وَالزِّيَادَةُ إِلَى تَمَامِ الرُّبْعِ فِي مَالِ الْجَانِي؛ وَإِنْ وَزَّعْنَا عَلَى الْجِرَاحَاتِ؛ فَثُلْثُ الدِّيَةِ وَهُوَ حِصَّةُ جُرْحِ الْإِسْلَامِ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَجُرْحُ الْكُفْرِ إِنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>