للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَرْشُهُ كَثُلْثِ الدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ؛ فَعَلَى الذِّمِّيِّينَ الثُّلْثُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ، فَعَلَيْهِمُ الْأَرْشُ، وَالْبَاقِي إِلَى تَمَامِ الثُّلْثِ فِي مَالِ الْجَانِي.

وَمِنْهَا: لَوْ جَرَحَ شَخْصًا خَطَأً، ثُمَّ ارْتَدَّ، ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ بِالسِّرَايَةِ، فَأَرْشُ الْجُرْحِ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْبَاقِي إِلَى تَمَامِ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْجَانِي؛ فَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ كَالدِّيَةِ، أَوْ أَكْثَرَ بِأَنْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ؛ فَقَدْرُ الدِّيَةِ وَهُوَ الْوَاجِبُ يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ.

وَلَوْ جَرَحَ وَهُوَ مُرْتَدٌّ، ثُمَّ أَسْلَمُ، ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ؛ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ إِذْ لَا عَاقِلَةَ لِلْمُرْتَدِّ. وَلَوْ جَرَحَهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ؛ فَارْتَدَّ الْجَارِحُ، ثُمَّ أَسْلَمَ، ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ؛ فَهَلْ عَلَى عَاقِلَتِهِ جَمِيعُ الدِّيَةِ اعْتِبَارًا بِالطَّرَفَيْنِ، أَمْ عَلَيْهِمْ أَرْشُ الْجُرْحِ وَمَا زَادَ فِي مَالِ الْجَانِي؟

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: فِيهِ قَوْلَانِ، وَجَزَمَ آخَرُونَ بِوُجُوبِ الْجَمِيعِ عَلَيْهِمْ إِنْ قَصُرَ زَمَانُ الرِّدَّةِ الْمُتَخَلِّلَةِ، وَخَصُّوا الْقَوْلَيْنِ بِطُولِ زَمَانِهَا، قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَيَجِيءُ وَجْهٌ أَنَّ عَلَى الْعَاقِلَةِ ثُلْثَيِ الدِّيَةِ لِوُجُودِ الْإِسْلَامِ فِي حَالَيْنِ.

وَلَوْ رَمَى سَهْمًا إِلَى صَيْدٍ وَارْتَدَّ، فَأَصَابَ شَخْصًا، أَوْ رَمَى الْمُرْتَدُّ صَيْدًا فَأَسْلَمَ فَأَصَابَ السَّهْمَ؛ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَدَّلَ حَالُهُ رَمْيًا وَإِصَابَةً، وَلَوْ تَخَلَّلَتِ الرِّدَّةُ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ؛ فَكَذَا الْجَوَابُ فِي «التَّهْذِيبِ» . وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ أَنَّهُمْ خَرَّجُوهَا عَلَى قَوْلَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَالثَّانِي: فِي مَالِهِ.

الْجِهَةُ الثَّالِثَةُ: بَيْتُ الْمَالِ؛ فَيَتَحَمَّلُ جِنَايَةَ مَنْ لَا عَصَبَةَ لَهُ بِنَسَبٍ وَلَا وَلَاءٍ، أَوْ لَهُ عَصَبَةٌ مُعْسِرُونَ، أَوْ فَضَلَ عَنْهُمْ شَيْءٌ مِنَ الْوَاجِبِ؛ فَيَجِبُ الْبَاقِي فِي بَيْتِ الْمَالِ إِنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا؛ فَإِنْ كَانَ مُسْتَأْمَنًا أَوْ ذِمِّيًّا فَلَا، بَلِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: قَوْلَانِ؛ كَمُسْلِمٍ لَا عَاقِلَةَ لَهُ وَلَا بَيْتَ مَالٍ، وَهَلْ يَتَحَمَّلُ أَبُوهُ وَابْنُهُ؟ وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي الْمُسْلِمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ وَلَا بَيْتُ مَالٍ، وَقُلْنَا: تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، هَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>