فَلَا غُرَّةَ؛ كَذَا قَالَهُ الْبَغَوِيُّ قَالَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ: يَجِبُ لِأَنَّ الْجَنِينَ قَدْ يَبْقَى فِي جَوْفِهَا حَيًّا، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْحَيَاةِ.
فَرْعٌ
أَلْقَتِ الْمَضْرُوبَةُ يَدًا أَوْ رِجْلًا وَمَاتَتْ، وَلَمْ يَنْفَصِلِ الْجَنِينُ بِتَمَامِهِ؛ فَالصَّحِيحُ وُجُوبُ الْغُرَّةِ، وَهُوَ نَصُّهُ فِي «الْمُخْتَصَرِ» وَفِي وَجْهٍ يَجِبُ نِصْفُ غُرَّةٍ؛ لِأَنَّ الْيَدَ تُضْمَنُ بِنِصْفِ الْجُمْلَةِ، وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الْجَنِينَ لَا يَضْمَنُ حَتَّى يَنْفَصِلَ كُلُّهُ، وَلَوْ أَلْقَتْ يَدَيْنِ أَوْ رِجْلَيْنِ، أَوْ يَدًا وَرِجْلًا، وَجَبَتْ غُرَّةٌ قَطْعًا.
وَلَوْ أَلْقَتْ مِنَ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ ثَلَاثًا، أَوْ أَرْبَعًا، أَوْ رَأْسَيْنِ؛ فَغُرَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: غُرَّتَانِ، وَلَوْ أَلْقَتْ بَدَنَيْنِ فَغُرَّتَانِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ لَهُ بَدَنَانِ بِحَالٍ، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَحَكَى الرُّويَانِيُّ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ خِلَافَهُ وَجَوَّزَ بَدَنَيْنِ لِرَأْسٍ، كَرَأْسَيْنِ لِبَدَنٍ.
وَلَوْ أَلْقَتْ عُضْوًا؛ كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ، ثُمَّ أَلْقَتْ جَنِينًا؛ فَلَهُ حَالَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْجَنِينُ فَقِيدَ ذَلِكَ الْعُضْوِ، فَيُنْظَرُ، إِنْ أَلْقَتْهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، وَزَوَالِ أَلَمِ الضَّرْبِ؛ فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا، لَمْ تَجِبْ إِلَّا غُرَّةٌ، وَبِقَدْرِ الْعُضْوِ مُبَانًا مِنْهُ بِالْجِنَايَةِ، وَإِنِ انْفَصَلَ حَيًّا، ثُمَّ مَاتَ مِنَ الْجِنَايَةِ، وَجَبَ دِيَةٌ وَدَخَلَ فِيهَا أَرْشُ الْيَدِ. وَإِنْ عَاشَ، فَقَدْ أَطْلَقَ الْبَغَوِيُّ وُجُوبَ نِصْفِ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الضَّارِبِ، وَنَقَلَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ تُرَاجَعُ الْقَوَابِلُ، فَإِنْ قُلْنَ: إِنَّهَا يَدُ مَنْ خُلِقَ فِيهِ حَيَاةٌ، وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ.
وَكَذَا إِنْ عَلِمْنَا انْفِصَالَ الْيَدِ مِنْهُ بَعْدَ خَلْقِ الْحَيَاةِ؛ بِأَنْ أَلْقَتْهَا ثُمَّ انْفَصَلَ الْجَنِينُ عَقِبَ الضَّرْبِ، وَإِنْ شَكَكْنَا فِي حَالِهِ، وَجَبَ نِصْفُ الْغُرَّةِ عَمَلًا بِالْيَقِينِ، وَلِيَكُنْ إِطْلَاقُ الْبَغَوِيِّ مَحْمُولًا عَلَى ذَا التَّفْصِيلِ.
وَإِنْ أَلْقَتْهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ، لَمْ يَضْمَنِ الْجَنِينَ، حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا، لِزَوَالِ الْأَلَمِ الْحَاصِلِ بِفِعْلِهِ. وَأَمَّا الْيَدُ، فَإِنْ خَرَجَ مَيِّتًا فَعَلَيْهِ نِصْفُ غُرَّةٍ لَهَا، وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا وَمَاتَ أَوْ عَاشَ، فَقِيلَ: يَجِبُ نِصْفُ غُرَّةٍ، كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute