خَرَجَ رَأْسُهُ وَصَاحَ فَحَزَّ رَجُلٌ رَقَبَتَهُ؛ فَعَلَى الْأَصَحِّ يَجِبُ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِالصِّيَاحِ حَيَاتَهُ، وَإِنِ اعْتَبَرْنَا الِانْفِصَالَ؛ فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ.
وَلَوْ صَاحَ وَمَاتَ؛ فَوُجُوبُ الدِّيَةِ عَلَى الْخِلَافِ.
الثَّالِثُ: كَوْنُ الْمُنْفَصِلِ مَيْتًا؛ فَلَوِ انْفَصَلَ حَيًّا، نُظِرَ؛ إِنْ بَقِيَ زَمَانًا سَالِمًا غَيْرَ مُتَأَلِّمٍ ثُمَّ مَاتَ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الضَّارِبِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَإِنْ مَاتَ عِنْدَ خُرُوجِهِ أَوْ بَقِيَ مُتَأَلِّمًا حَتَّى مَاتَ، وَجَبَتْ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَا حَيَاتَهُ؛ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْأَحْيَاءِ.
وَسَوَاءٌ اسْتَهَلَّ، أَوْ وَجَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى حَيَاتِهِ؛ كَتَنَفُّسٍ وَامْتِصَاصِ لَبَنٍ وَحَرَكَةٍ قَوِيَّةٍ؛ كَقَبْضِ يَدٍ وَبَسْطِهَا، وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ الِاخْتِلَاجِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِذَا عُلِمَتِ الْحَيَاةُ؛ فَسَوَاءٌ كَانَ انْتَهَى إِلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ أَمْ لَمْ يَنْتَهِ، وَبَقِيَ يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ ثُمَّ مَاتَ، لِأَنَّا تَيَقَّنَا الْحَيَاةَ فِي الْحَالَيْنِ، وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ مَوْتُهُ بِهَا.
وَسَوَاءٌ انْفَصَلَ لِوَقْتٍ يَعِيشُ فِيهِ، أَوْ لِوَقْتٍ لَا يَتَوَقَّعُ أَنْ يَعِيشَ، بِأَنْ يَنْفَصِلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: إِنْ لَمْ يَتَوَقَّعْ أَنْ يَعِيشَ أَوْ كَانَ انْتَهَى إِلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ؛ فَفِيهِ الْغُرَّةُ دُونَ الدِّيَةِ.
وَلَوْ قَتَلَ شَخْصٌ هَذَا الْجَنِينَ بَعْدَ انْفِصَالِهِ؛ فَإِنِ انْفَصَلَ لَا بِجِنَايَةٍ، فَعَلَى الْقَاتِلِ الْقِصَاصُ، كَمَا لَوْ قَتَلَ مَرِيضًا مُشْرِفًا عَلَى الْمَوْتِ. وَإِنِ انْفَصَلَ بِجِنَايَةٍ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَكَذَلِكَ؛ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَى الثَّانِي، وَالْقَاتِلُ هُوَ الْأَوَّلُ.
وَلَوِ انْفَصَلَ مَيِّتًا بَعْدَ مَوْتِ الْأُمِّ مِنَ الضَّرْبِ، وَجَبَتِ الْغُرَّةُ كَمَا لَوِ انْفَصَلَ فِي حَيَاتِهَا؛ لِأَنَّهُ شَخْصٌ مُسْتَقِلٌّ؛ فَلَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهَا.
فَرْعٌ
سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْغُرَّةِ كَانَ الْجَنِينُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى؛ ثَابِتَ النِّسَبِ أَوْ غَيْرِهِ، تَامُّ الْأَعْضَاءِ أَوْ نَاقِصُهَا، وَلَوِ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي الضَّرْبِ؛ فَالْغُرَّةُ عَلَيْهِمَا؛ وَلَوْ أَلْقَتْ جَنِينَيْنِ، وَجَبَ غُرَّتَانِ، وَلَوْ أَلْقَتْ حَيًّا وَمَيِّتًا وَمَاتَ الْحَيُّ، وَجَبَ دِيَةٌ وَغُرَّةٌ، وَلَوْ ضَرَبَ بَطْنَ مَيْتَةٍ فَانْفَصَلَ مِنْهَا جَنِينٌ مَيِّتٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute