فَرْعٌ
ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَى رَجُلٍ، وَحَلَفَ وَأَخَذَ الْمَالَ، فَجَاءَ رَجُلٌ وَقَالَ: أَنَا قَتَلْتُ مُورِثَكَ، وَلَمْ يَقْتُلْهُ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْوَارِثُ لَمْ يُؤَثِّرْ قَوْلُهُ فِيمَا جَرَى، وَإِنْ صَدَّقَهُ، لَزِمَهُ رَدُّ مَا أَخَذَ، وَهَلْ لَهُ الدَّعْوَى عَلَى الثَّانِي وَمُطَالَبَتُهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، وَهُمَا نَظِيرُ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي أَوَّلِ هَذَا الشَّرْطِ.
الْبَابُ الثَّانِي فِي الْقَسَامَةِ:
هِيَ الْأَيْمَانُ فِي الدِّمَاءِ، وَصُورَتُهَا: أَنْ يُوجَدَ قَتِيلٌ بِمَوْضِعٍ لَا يُعْرَفُ مَنْ قَتَلَهُ، وَلَا بَيِّنَةً، وَيَدَّعِي وَلِيُّهُ قَتْلَهُ عَلَى شَخْصٍ أَوْ جَمَاعَةٍ، وَتُوجَدُ قَرِينَةٌ تُشْعِرُ بِصِدْقِهِ، وَيُقَالُ لَهُ: اللَّوْثُ، فَيَحْلِفُ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ، وَيُحْكَمُ لَهُ بِمَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي الْبَابِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ:
الْأَوَّلُ: فِي مَحَلِّ الْقَسَامَةِ، وَهُوَ قَتْلُ الْحُرِّ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ قُيُودٍ، الْأَوَّلُ: الْقَتْلُ، فَلَا قَسَامَةَ فِي إِتْلَافِ الْمَالِ، وَلَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِنَ الْجُرُوحِ وَالْأَطْرَافِ، بَلِ الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ لَوْثٌ ; لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي النَّفْسِ، وَهِيَ أَعْظَمُ مِنَ الْأَطْرَافِ، وَلِهَذَا اخْتَصَّتْ بِالْكَفَّارَةِ، فَلَا تَلْحَقُ بِهَا الْأَطْرَافُ، وَحَكَى الرُّويَانِيُّ وَجْهًا فِي الْأَطْرَافِ، وَغَلَّطَ قَائِلَهُ، فَعَلَى الصَّحِيحِ لَوْ جُرِحَ مُسْلِمٌ، فَارْتَدَّ، ثُمَّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ، فَلَا قَسَامَةَ، فَلَوْ عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ، جَرَتِ الْقَسَامَةُ، سَوَاءٌ أَوْجَبْنَا كَمَالَ الدِّيَةِ أَمْ لَا ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُنَا بَدَلُ النَّفْسِ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ جُرِحَ ذِمِّيٌّ، فَنَقَضَ عَهْدَهُ، ثُمَّ مَاتَ، أَوْ جَدَّدَ الْعَهْدَ ثُمَّ مَاتَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute