مِنْهَا: مَاتَ شَخْصٌ، فَقَالَ ابْنُهُ: لَسْتُ أَرِثُهُ ; لِأَنَّهُ كَانَ كَافِرًا، فَسُئِلَ عَنْ كُفْرِهِ، فَقَالَ: كَانَ مُعْتَزِلِيًّا أَوْ رَافِضِيًّا، فَيُقَالُ لَهُ: لَكَ مِيرَاثُهُ وَأَنْتَ مُخْطِئٌ فِي اعْتِقَادِكَ ; لِأَنَّ الِاعْتِزَالَ وَالرَّفْضَ لَيْسَ بِكُفْرٍ، هَكَذَا قَالَهُ الْقَفَّالُ وَالْبَغَوِيُّ والرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ.
قَالَ الْفُورَانِيُّ: وَمِنْ شُيُوخِنَا مَنْ يُكَفِّرُ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ، فَعَلَى هَذَا يَحْرُمُ الْمِيرَاثُ.
قُلْتُ: هَذَا الْوَجْهُ خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ الْمَنْصُوصُ وَالَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ: أَنَّا لَا نُكَفِّرُهُمْ.
وَمِنْهَا: قَضَى حَنَفِيٌّ لِشَافِعِيٍّ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ، فَأَخَذَ الشِّقْصَ، ثُمَّ قَالَ: أَخَذْتُهُ بَاطِلًا ; لِأَنَّنِي لَا أَرَى شُفْعَةَ الْجِوَارِ لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ.
وَمِنْهَا: مَاتَ عَنْ جَارِيَةٍ أَوْلَدَهَا بِنِكَاحٍ، فَقَالَ وَارِثُهُ: لَا أَتَمَلَّكُهَا ; لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِذَلِكَ، وَعَتِقَتْ بِمَوْتِهِ، فَيُقَالُ لَهُ: هِيَ مَمْلُوكَتُكَ وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِالنِّكَاحِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ هَذَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِظَاهِرِ الْحُكْمِ، أَمَّا الْحَلُّ بَاطِنًا إِذَا حَكَمَ الْقَاضِي فِي مَوَاضِعِ الْخِلَافِ لِشَخْصٍ عَلَى خِلَافِ اعْتِقَادِهِ، كَحُكْمِ حَنَفِيٍّ لِشَافِعِيٍّ بِشُفْعَةِ جِوَارٍ، فَفِي ثُبُوتِهِ خِلَافٌ، وَمَيْلُ الْأَئِمَّةِ هُنَا إِلَى ثُبُوتِهِ، وَسَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ. وَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ بِقَوْلِي، حَرَامٌ أَنَّهُ مَغْصُوبٌ، فَإِنْ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ إِلَيْهِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يُقْبَلُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ أَحَدًا، فَهُوَ مَالٌ ضَائِعٌ، وَفِي مِثْلِهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ، وَالْجَوَابُ فِي «الشَّامِلِ» أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَفْعُ يَدِهِ عَنْهُ، وَلَوْ قَالَ بَعْدَ مَا أَقْسَمَ: نَدِمْتُ عَلَى الْأَيْمَانِ، لَمْ يَلْزَمْهُ بِهَذَا شَيْءٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute