الثَّانِيَةُ: يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يُحَذِّرَ الْمُدَّعِيَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ، وَيَعِظَهُ وَيَقُولَ: اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَحْلِفْ إِلَّا عَنْ تَحَقُّقٍ، وَيَقْرَأُ عَلَيْهِ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمُنًا قَلِيلًا، وَالْقَوْلُ فِي التَّغْلِيظِ فِي الْيَمِينِ زَمَانًا وَمَكَانًا وَلَفْظًا مِنْهُ مَا سَبَقَ فِي اللِّعَانِ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مُؤَخَّرٌ إِلَى الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ.
الثَّالِثَةُ: لَا تُشْتَرَطُ مُوَالَاةُ الْأَيْمَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: وَجْهَانِ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ حَلَفَ الْخَمْسِينَ فِي خَمْسِينَ يَوْمًا جَازَ.
الرَّابِعَةُ: جُنَّ الْمُدَّعِي فِي خِلَالِ الْأَيْمَانِ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، يُبْنَى عَلَيْهَا، وَلَوْ عُزِلَ الْقَاضِي، أَوْ مَاتَ فِي خِلَالِهَا، فَالْأَصَحُّ أَنَّ الْقَاضِيَ الثَّانِيَ يَسْتَأْنِفُ مِنْهُ الْأَيْمَانَ، وَحُكِيَ عَنْ نَصِّهِ فِي «الْأُمِّ» أَنَّهُ يَكْفِيهِ الْبِنَاءُ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، لَكِنَّ الْمُتَوَلِّيَ حَمَلَ النَّصَّ عَلَى مَا إِذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْضَ الْأَيْمَانِ تَفْرِيعًا عَلَى تَعَدُّدِ يَمِينِهِ، فَمَاتَ الْقَاضِي، أَوْ عُزِلَ وَوَلِيَ غَيْرُهُ، يَعْتَدُّ بِالْأَيْمَانِ السَّابِقَةِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى النَّفْيِ فَتَنْفُذُ بِنَفْسِهَا، وَيَمِينَ الْمُدَّعِي لِلْإِثْبَاتِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي، وَالْقَاضِي لَا يَحْكُمُ بِحُجَّةٍ أُقِيمَتْ عِنْدَ الْأَوَّلِ، قَالَ: وَعَزْلُ الْقَاضِي وَمَوْتُهُ بَعْدَ تَمَامِ الْأَيْمَانِ، كَالْعَزْلِ فِي أَثْنَائِهَا فِي الطَّرَفَيْنِ، قَالَ: وَلَوْ عُزِلَ الْقَاضِي فِي أَثْنَاءِ الْأَيْمَانِ مِنْ جَانِبِ الْمُدَّعِي أَوِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ تَوَلَّى ثَانِيًا، فَيُبْنَى عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ هَلْ يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ؟ إِنْ قُلْنَا: لَا، اسْتَأْنَفَ، وَإِلَّا بَنَى، وَلَوْ مَاتَ الْوَلِيُّ الْمُقْسِمُ فِي أَثْنَائِهَا، نَصَّ فِي «الْمُخْتَصَرِ» أَنَّ وَارِثَهُ يَسْتَأْنِفُ الْأَيْمَانَ، وَقَالَ الْخِضْرِيُّ: يُبْنَى عَلَيْهَا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ تَمَامِهَا، حُكِمَ لِوَارِثِهِ، كَمَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً ثُمَّ مَاتَ وَلَوْ مَاتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْأَيْمَانِ، إِذَا حَلَّفْنَاهُ فِي غَيْرِ صُورَةِ اللَّوْثِ، أَوْ فِيهَا، لِنُكُولِ الْمُدَّعِي، بَنَى وَارِثُهُ عَلَى أَيْمَانِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute