الْخَامِسَةُ: فِي جَوَازِ الْقَسَامَةِ فِي غَيْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، كَالْبَيِّنَةِ، وَالثَّانِي: لَا، لِضَعْفِ الْقَسَامَةِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنَ الْقَسَامَةِ كَوْنُ الْمُدَّعِي كَانَ غَائِبًا عَنْ مَوْضِعِ الْقَتْلِ، كَمَا لَا يَمْنَعُ كَوْنُهُ صَبِيًّا أَوْ جَنِينًا ; لِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِفُ الْحَالَ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ بِسَمَاعٍ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ.
السَّادِسَةُ: مَا يُسْتَحَقُّ بِالْقَسَامَةِ يُسْتَحَقُّ بِخَمْسِينَ يَمِينًا، فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا وَهُوَ جَائِزٌ، حَلَفَ خَمْسِينَ وَأَخَذَ الدِّيَةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا، حَلَفَ أَيْضًا خَمْسِينَ ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُ شَيْءٍ إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْحُجَّةِ، فَإِذَا حَلَفَ أَخَذَ قَدْرَ حَقِّهِ وَلَا يَثْبُتُ الْبَاقِي بِيَمِينِهِ، بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ لِلْقَتِيلِ وَارِثَانِ فَأَكْثَرُ، فَقَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَأَظْهَرُهُمَا: يُوَزَّعُ الْخَمْسُونَ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِهَذَا، فَعَلَى هَذَا إِنْ وَقَعَ كَسْرٌ، تَمَّمْنَا الْمُنْكَسِرَ، فَإِذَا كَانَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ، حَلَفَ كُلُّ ابْنٍ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَإِنْ خَلَّفَ أُمًّا وَابْنًا، حَلَفَتْ تِسْعًا وَحَلَفَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، وَإِنْ خَلَّفَ زَوْجَةً وَبِنْتًا جُعِلَتِ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا، فَتَحْلِفُ الزَّوْجَةُ عَشْرًا، وَالْبِنْتُ أَرْبَعِينَ، وَفِي زَوْجٍ وَبِنْتٍ، تُجْعَلُ أَثْلَاثًا، وَإِذَا خَلَّفَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ ابْنًا أَوْ أَخًا، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينًا، وَإِنْ كَانُوا تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ، حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينَيْنِ، وَفِي صُورَةِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ تُقْسَمُ الْأَيْمَانُ، كَقَسْمِ الْمَالِ، وَفِي الْمُعَادَةِ لَا يَحْلِفُ وَلَدُ الْأَبِ إِنْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا، فَإِنْ أَخَذَ حَلَفَ بِقَدْرِ حَقِّهِ، فَإِذَا خَلَّفَ جَدًّا وَأَخًا لِأَبَوَيْنِ وَأَخًا لِأَبٍ، حَلَفَ الْجَدُّ سَبْعَ عَشْرَةَ وَالْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، وَلَا يَحْلِفُ الْأَخُ لِلْأَبِ وَعَلَى التَّوْزِيعِ لَوْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ جَمِيعِ حِصَّتِهِ أَوْ بَعْضِهَا، فَلَا يَسْتَحِقُّ الْآخَرُ شَيْئًا حَتَّى يَحْلِفَ خَمْسِينَ وَلَوْ غَابَ بَعْضُهُمْ، فَالْحَاضِرُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ، فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ قَدْرَ حِصَّتِهِ، وَبَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute