للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: تَوَلِّيِ الْإِمَامَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ يَصْلُحُ إِلَّا وَاحِدًا، تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَلَزِمَهُ طَلَبُهَا إِنْ لَمْ يَبْتَدِئُوهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَتَنْعَقِدُ الْإِمَامَةُ بِثَلَاثَةِ طُرُقٍ، أَحَدُهَا: الْبَيْعَةُ، كَمَا بَايَعَتِ الصَّحَابَةُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَفِي الْعَدَدِ الَّذِي تَنْعَقِدُ الْإِمَامَةُ بِبَيْعَتِهِمْ سِتَّةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: أَرْبَعُونَ، وَالثَّانِي: أَرْبَعَةٌ، وَالثَّالِثُ: ثَلَاثَةٌ، وَالرَّابِعُ: اثْنَانِ، وَالْخَامِسُ: وَاحِدٌ، فَعَلَى هَذَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْوَاحِدِ مُجْتَهِدًا.

وَعَلَى الْأَوْجُهِ الْأَرْبَعَةِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ مُجْتَهِدٌ لِيُنْظَرَ فِي الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ مُجْتَهِدِينَ، وَالسَّادِسُ وَهُوَ الْأَصَحُّ: أَنَّ الْمُعْتَبَرَ بَيْعَةُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ وَسَائِرِ وُجُوهِ النَّاسِ الَّذِينَ يَتَيَسَّرُ حُضُورُهُمْ، وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ وَالْأَصْقَاعِ، بَلْ إِذَا وَصَلَهُمْ خَبَرُ أَهْلِ الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ، لَزِمَهُمُ الْمُوَافَقَةُ وَالْمُتَابَعَةُ، وَعَلَى هَذَا لَا يَتَعَيَّنُ لِلِاعْتِبَارِ عَدَدٌ، بَلْ لَا يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ، حَتَّى لَوْ تَعَلَّقَ الْحَلُّ وَالْعَقْدُ بِوَاحِدٍ مُطَاعٍ، كَفَتْ بَيْعَتُهُ ; لِانْعِقَادِ الْإِمَامَةِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ يُبَايِعُونَ بِصِفَةِ الشُّهُودِ، وَذُكِرَ فِي «الْبَيَانِ» فِي اشْتِرَاطِ حُضُورِ شَاهِدَيْنِ الْبَيْعَةَ، وَجْهَيْنِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ: لَا يُشْتَرَطُ إِنْ كَانَ الْعَاقِدُونَ جَمْعًا، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا، اشْتُرِطَ الْإِشْهَادُ، وَقَدْ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِهِ الْإِرْشَادِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: يُشْتَرَطُ حُضُورُ الشُّهُودِ لِئَلَّا يُدَّعَى عَقْدٌ سَابِقٌ، وَلِأَنَّ الْإِمَامَةَ لَيْسَتْ دُونَ النِّكَاحِ، لَكِنَّ اخْتِيَارَ الْإِمَامِ انْعِقَادُهَا بِوَاحِدٍ، وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعَاقِدِينَ: الْعَدَالَةُ وَالْعِلْمُ وَالرَّأْيُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيُشْتَرَطُ ; لِانْعِقَادِ الْإِمَامَةِ أَنْ يُجِيبَ الْمُبَايِعُ، فَإِنِ امْتَنَعَ، لَمْ تَنْعَقِدْ إِمَامَتُهُ، وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>