للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: إِلَّا أَنْ لَا يَكُونَ مَنْ يَصْلُحُ إِلَّا وَاحِدٌ، فَيُجْبَرُ بِلَا خَوْفٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الطَّرِيقُ الثَّانِي: اسْتِخْلَافُ الْإِمَامِ مِنْ قَبْلُ، وَعَهْدُهُ إِلَيْهِ، كَمَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ، وَالِاسْتِخْلَافُ أَنْ يَعْقِدَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ الْخِلَافَةَ بَعْدَهُ، فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِالْإِمَامَةِ، فَوَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْبَغَوِيُّ، وَلَوْ جَعَلَ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا بَعْدَهُ، كَانَ كَالِاسْتِخْلَافِ، إِلَّا أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ، فَيَتَشَاوَرُونَ، وَيَتَّفِقُونَ عَلَى أَحَدِهِمْ، كَمَا جَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ، فَاتَّفَقُوا عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَعْهُودِ إِلَيْهِ شُرُوطُ الْإِمَامَةِ مِنْ وَقْتِ الْعَهْدِ إِلَيْهِ حَتَّى لَوْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ فَاسِقًا عِنْدَ الْعَقْدِ، بَالِغًا عَدْلًا عِنْدَ مَوْتِ الْعَاهِدِ، لَمْ يَكُنْ إِمَامًا، إِلَّا أَنَّ يُبَايِعَهُ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي هَذَا.

قُلْتُ: لَا تَوَقُّفَ فِيهِ، فَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَصِيِّ ظَاهِرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ إِذَا عُهِدَ إِلَى غَائِبٍ مَجْهُولِ الْحَيَاةِ، لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومَ الْحَيَاةِ، صَحَّ، فَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَخْلَفُ وَهُوَ بَعْدُ غَائِبٌ، اسْتَقْدَمَهُ أَهْلُ الِاخْتِيَارِ، فَإِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ وَتَضَرَّرَ الْمُسْلِمُونَ بِتَأْخِيرِ النَّظَرِ فِي أُمُورِهِمْ، اخْتَارَ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ نَائِبًا لَهُ يُبَايِعُونَهُ بِالنِّيَابَةِ دُونَ الْخِلَافَةِ، فَإِذَا قَدِمَ انْعَزَلَ النَّائِبُ، وَأَنَّهُ إِذَا عَزَلَ الْخَلِيفَةُ نَفْسَهُ، كَانَ كَمَا لَوْ مَاتَ، فَتَنْتَقِلُ الْخِلَافَةُ إِلَى وَلِيِّ الْعَهْدِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ: الْخِلَافَةُ بَعْدَ مَوْتِي لِفُلَانٍ، أَوْ بَعْدَ خِلَافَتِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>