للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ مَسَائِلُ، إِحْدَاهَا: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ أُسِرَ الْإِمَامُ، لَزِمَ الْأُمَّةَ اسْتِنْقَاذُهُ، وَهُوَ عَلَى إِمَامَتِهِ مَا دَامَ مَرْجُوَّ الْخَلَاصِ بِقِتَالٍ أَوْ فِدَاءٍ، فَإِنْ أُيِسَ مِنْهُ، نُظِرَ، إِنْ أَسَرَهُ كُفَّارٌ، خَرَجَ مِنَ الْإِمَامَةِ، وَعَقَدُوهَا لِغَيْرِهِ، فَإِنْ عُهِدَ بِالْإِمَامَةِ وَهُوَ أَسِيرٌ، نُظِرَ إِنْ كَانَ بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْ خَلَاصِهِ، لَمْ يَصِحَّ عَهْدُهُ ; لِأَنَّهُ عَهْدٌ بَعْدَ انْعِزَالِهِ، وَإِنْ عُهِدَ قَبْلَ الْيَأْسِ، صَحَّ عَهْدُهُ لِبَقَاءِ وِلَايَتِهِ، وَتَسْتَقِرُّ إِمَامَةُ الْمَعْهُودِ إِلَيْهِ بِالْيَأْسِ مِنْ خَلَاصِ الْعَاهِدِ لِانْعِزَالِهِ، وَلَوْ خَلَصَ مِنْ أَسْرِهِ، نُظِرَ إِنْ خَلَصَ بَعْدَ الْيَأْسِ، لَمْ تُعَدْ إِمَامَتُهُ، بَلْ تَسْتَقِرُّ لِوَلِيِّ عَهْدِهِ، وَإِنْ خَلَصَ قَبْلَ الْيَأْسِ، فَهُوَ عَلَى إِمَامَتِهِ، وَأَمَّا إِذَا أَسَرَهُ بُغَاةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ مَرْجُوَّ الْخَلَاصِ، فَهُوَ عَلَى إِمَامَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُرْجَ وَكَانَتِ الْبُغَاةُ لَا إِمَامَ لَهُمْ، فَالْأَسِيرُ عَلَى إِمَامَتِهِ، وَعَلَى أَهْلِ الِاخْتِيَارِ أَنْ يَسْتَنِيبُوا عَنْهُ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ هُوَ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ، فَإِنْ قَدَرَ، فَهُوَ أَحَقُّ بِالِاسْتِنَابَةِ، فَإِنْ خَلَعَ الْأَسِيرُ نَفْسَهُ، أَوْ مَاتَ، لَمْ يَصِرِ الْمُسْتَنَابُ إِمَامًا، وَإِنْ كَانَ لِلْبُغَاةِ الَّذِينَ أَسَرُوهُ إِمَامٌ نَصَّبُوهُ، خَرَجَ الْأَسِيرُ مِنَ الْإِمَامَةِ إِنْ أُيِسَ مِنْ خَلَاصِهِ، وَعَلَى أَهْلِ الِاخْتِيَارِ فِي دَارِ الْعَدْلِ عَقْدُ الْإِمَامَةِ لِمَنْ يَصْلُحُ لَهَا، فَإِنْ خَلَصَ الْأَسِيرُ، لَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِمَامَةِ لِخُرُوجِهِ مِنْهَا.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: تَجِبُ نَصِيحَةُ الْإِمَامِ بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ.

الثَّالِثَةُ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِلْإِمَامِ: الْخَلِيفَةُ وَالْإِمَامُ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَيُقَالُ أَيْضًا: خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: وَيُقَالُ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا، وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْأَذْكَارِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>