وَأَصَحُّهُمَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ كَالْبَاغِي ; لِأَنَّ سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنِ الْبَاغِي لِقَطْعِ الْفِتْنَةِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ، وَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا، وَلَوِ ارْتَدَّتْ طَائِفَةٌ لَهُمْ شَوْكَةٌ، فَأَتْلَفُوا مَالًا أَوْ نَفْسًا فِي الْقِتَالِ، ثُمَّ تَابُوا وَأَسْلَمُوا، فَفِي ضَمَانِهِمُ الْقَوْلَانِ كَالْبُغَاةِ، أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ: لَا ضَمَانَ، وَخَالَفَهُ الْبَغَوِيُّ، وَلَا يَنْفُذُ قَضَاءُ قَاضِي الْمُرْتَدِّينَ قَطْعًا.
الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ قِتَالِ الْبُغَاةِ:
طَرِيقُهَا طَرِيقُ دَفْعِ الصَّائِلِ، وَالْمَقْصُودُ رَدُّهُمْ إِلَى الطَّاعَةِ، وَدَفْعُ شَرِّهِمْ، لَا النَّفْيُ وَالْقَتْلُ، فَإِذَا أَمْكَنَ الْأَسْرُ، لَا يُقْتَلُ، وَإِذَا أَمْكَنَ الْإِثْخَانُ، لَا يُذَفَّفُ، فَإِنِ الْتَحَمَ الْقِتَالُ، وَاشْتَدَّتِ الْحَرْبُ، خَرَجَ الْأَمْرُ عَنِ الضَّبْطِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَقَدْ يُتَخَيَّلُ مِنْ هَذَا أَنَّا لَا نَسِيرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا نُفَاتِحُهُمْ بِالْقِتَالِ، وَأَنَّهُمْ إِذَا سَارُوا إِلَيْنَا لَا نَبْدَأُ بِقِتَالِهِمْ، بَلْ نَصْطَفُّ قُبَالَتَهَمْ، فَإِنْ قَصَدُونَا، دَفَعْنَاهُمْ، قَالَ: وَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا لِطَائِفَةٍ مِنَ الْأَصْحَابِ وَهُوَ خَطَأٌ، بَلْ إِذَا آذَنَهُمُ الْإِمَامُ بِالْحَرْبِ، وَلَمْ يَرْجِعُوا إِلَى الطَّاعَةِ، سَارَ إِلَيْهِمْ، وَمَنَعَهُمْ مِنَ الْقُطْرِ الَّذِي اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ، فَإِنِ انْهَزَمُوا وَكَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةٌ، اتَّبَعْنَاهُمْ إِلَى أَنْ يَتُوبُوا وَيُطِيعُوا، وَلَيْسَ قِتَالُ الْفَرِيقَيْنِ كَصِيَالِ الْوَاحِدِ وَدَفْعِهِ بِكَيْفِيَّةِ قِتَالِهِمْ مَسَائِلُ:
الْأُولَى: لَا يُغْتَالُونَ وَلَا يُبْدَءُونَ بِالْقِتَالِ حَتَّى يُنْذَرُوا، فَيَبْعَثُ الْإِمَامُ إِلَيْهِمْ أَمِينًا فَطِنًا نَاصِحًا، فَإِذَا جَاءَهُمْ سَأَلَهُمْ مَا يَنْقِمُونَ؟ فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلَمَةً، وَعَلَّلُوا مُخَالَفَتَهُمْ بِهَا، أَزَالَهَا، وَإِنْ ذَكَرُوا شُبْةً، كَشَفَهَا لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا شَيْئًا، أَوْ أَصَرُّوا بَعْدَ إِزَالَةِ الْعِلَّةِ، نَصَحَهُمْ وَوَعَظَهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِالْعَوْدِ إِلَى الطَّاعَةِ، فَإِنْ أَصَرُّوا، دَعَاهُمْ إِلَى الْمُنَاظَرَةِ، فَإِنْ لَمْ يُجِيبُوا، أَوْ أَجَابُوا فَغُلِبُوا، وَأَصَرُّوا مُكَابِرِينَ، آذَنَهُمْ بِالْقِتَالِ، فَإِنِ اسْتَنْظَرُوا، بَحَثَ الْإِمَامُ عَنْ حَالِهِمْ وَاجْتَهَدَ، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُمْ عَازِمُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute