عَلَى الطَّاعَةِ، وَأَنَّهُمْ يَسْتَنْظِرُونَ لِكَشْفِ الشُّبْهَةِ، أَوِ التَّأَمُّلِ وَالْمُشَاوَرَةِ، أَنْظَرَهُمْ، وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُمْ يَقْصِدُونَ الِاجْتِمَاعَ، أَوْ يِسْتَلْحِقُونَ مَدَدًا لَهُمْ، لَمْ يُنْظِرْهُمْ، وَإِنْ سَأَلُوا تَرْكَ الْقِتَالِ أَبَدًا، لَمْ يُجِبْهُمْ، وَحَيْثُ لَا يَجُوزُ الْإِنْظَارُ، فَلَوْ بَذَلُوا مَالًا، وَرَهَنُوا أَوْلَادَهُمْ وَالنِّسَاءَ، لَمْ يَقْبَلْهُ ; لِأَنَّهُمْ قَدْ يَقْوُونَ فِي الْمُدَّةِ، وَيَظْهَرُونَ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ وَيَسْتَرِدُّونَ مَا بَذَلُوهُ، وَإِذَا كَانَ بِأَهْلِ الْعَدْلِ ضَعْفٌ، أَخَّرَ الْقِتَالَ، وَنَصَّ فِي «الْأُمِّ» أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُمْ أَسَارَى مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ فَسَأَلُوا - وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ - أَنْ يُمْسِكَ لِيُطْلِقُوهُمْ، وَأَعْطَوْا بِذَلِكَ رَهَائِنَ، قَبِلْنَا، فَإِنْ أَطْلَقُوا الْأَسَارَى، أَطْلَقْنَا الرَّهَائِنَ، وَإِنْ قَتَلُوهُمْ، لَمْ يَجُزْ قَتْلُ الرَّهَائِنِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إِطْلَاقِهِمْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ.
الثَّانِيَةُ: مَنْ أَدْبَرَ مِنْهُمْ وَانْهَزَمَ، لَمْ يُتْبَعْ، وَكَذَا مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ وَتَرَكَ الْقِتَالَ، لَمْ يُقَاتَلْ، وَانْهِزَامُ الْجُنْدِ بِأَنْ يَتَبَدَّدَ، وَتُبْطُلَ شَوْكَتُهُمْ وَاتِّفَاقُهُمْ، فَلَوْ وَلَّوْا ظُهُورَهُمْ وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ تَحْتَ رَايَةِ زَعِيمِهِمْ، لَمْ يَنْكُفْ عَنْهُمْ، بَلْ يَطْلُبُهُمْ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى الطَّاعَةِ، وَلَوْ بَطَلَتْ قُوَّةُ وَاحِدٍ وَاعْتِضَادُهُ بِالْجَمْعِ لِتَخَلُّفِهِ عَنْهُمْ مُخْتَارًا، أَوْ غَيْرَ مُخْتَارٍ، لَا يُقْتَلُ وَلَا يُتْبَعُ، وَمَنْ وَلَّى مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ، أُتْبِعَ وَقُوتِلَ، وَإِنْ وَلَّى مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً، أُتْبِعَ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَرُبَّمَا أَطْلَقَ وَجْهَانِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ قَرِيبَةٍ وَبَعِيدَةٍ، وَأُجْرِيَ الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ بَطَلَتْ شَوْكَةُ الْجُنْدِ فِي الْحَالِ وَلَمْ يُؤْمَنِ اجْتِمَاعُهُمْ فِي الْمَآلِ، وَمَوْضِعُ الِاتِّفَاقِ أَنْ يُؤْمَنَ اجْتِمَاعَهُمْ.
الثَّالِثَةُ: لَا يُقْتَلُ مُثْخَنُهُمْ وَلَا أَسِيرُهُمْ، وَجَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ قَتْلَهُمَا صَبْرًا، فَلَوْ قَتَلَ عَادِلٌ أَسِيرَهُمْ، فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ لِشُبْهَةِ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: لَا قِصَاصَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute