وَلَا يُطْلَقُ الْأَسِيرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ إِلَّا أَنْ يُبَايِعَ الْإِمَامَ، وَيَرْجِعَ إِلَى الطَّاعَةِ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَوِ انْقَضَتِ الْحَرْبُ وَجُمُوعُهُمْ بَاقِيَةٌ، لَمْ يُطْلَقْ إِلَّا أَنْ يُبَايِعَ، وَإِنْ بَذَلُوا الطَّاعَةَ، أَوْ تَفَرَّقَتْ جُمُوعُهُمْ، أُطْلِقَ، فَإِنْ تَوَقَّعَ عَوْدُهُمْ، فَفِي الْإِطْلَاقِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْرِضَ عَلَى أَسْرَاهُمْ بَيْعَةَ الْإِمَامِ، هَذَا فِي أَسِيرٍ هُوَ أَهْلٌ لِلْقِتَالِ، فَأَمَّا إِذَا أَسَرَ نِسَاءَهُمْ وَأَطْفَالَهُمْ، فَيُحْبَسُونَ إِلَى انْقِضَاءِ الْقِتَالِ ثُمَّ يُطْلَقُونَ، هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَفِي وَجْهٍ لِأَبِي إِسْحَاقَ: إِنْ رَأَى الْإِمَامُ فِي إِطْلَاقِهِمْ قُوَّةَ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَأَنَّ حَبْسَهُمْ يَرُدُّهُمْ إِلَى الطَّاعَةِ، وَيَدْعُوهُمْ إِلَى مُرَاجَعَةِ الْحَقِّ، حَبَسَهُمْ حَتَّى يُطِيعُوا، وَفِي وَجْهٍ لَهُ حَبْسُهُمْ مُطْلَقًا كَسْرًا لِقُلُوبِ الْبُغَاةِ، وَعَلَى هَذَا وَقْتُ تَخْلِيَتِهِمْ وَقْتُ تَخْلِيَةِ الرِّجَالِ، وَأَمَّا الْعَبِيدُ وَالْمُرَاهِقُونَ، فَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُمْ كَالنِّسَاءِ وَإِنْ كَانُوا يُقَاتِلُونَ، وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْمُتَوَلِّي: إِنْ كَانَ يَجِيءُ مِنْهُمْ قِتَالٌ، فَهُمْ كَالرِّجَالِ فِي الْحَبْسِ وَالْإِطْلَاقِ، وَهَذَا حَسَنٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَبِيدَ وَالْمُرَاهِقِينَ وَالنِّسَاءَ إِذَا قَاتَلُوا فَهُمْ كَالرِّجَالِ فِي أَنَّهُمْ يُقْتَلُونَ مُقْبِلِينَ، وَيُتْرَكُونَ مُدْبِرِينَ، وَيَجُوزُ أَسْرُ كُلِّ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ ابْتِدَاءً.
فَرْعٌ
إِذَا ظَفِرْنَا بِخَيْلِهِمْ وَأَسْلِحَتِهِمْ، لَمْ نَرُدَّهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ الْقِتَالُ، وَنَأْمَنَ غَائِلَتَهُمْ بِعَوْدِهِمْ إِلَى الطَّاعَةِ، أَوْ تَفَرُّقِهِمْ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْقِتَالِ، فَلَوْ وَقَعَتْ ضَرُورَةٌ وَلَمْ يَجِدْ أَحَدُنَا مَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ إِلَّا سِلَاحَهُمْ، أَوْ مَا يَرْكَبُهُ وَقَدْ وَقَعَتْ هَزِيمَةٌ إِلَّا خُيُولَهُمْ، جَازَ الِاسْتِعْمَالُ وَالرُّكُوبُ، كَمَا يَجُوزُ أَكْلُ مَالِ الْغَيْرِ لِلضَّرُورَةِ، وَمَا لَيْسَ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ يُرَدُّ إِلَيْهِمْ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ.
الرَّابِعَةُ: لَا يُقَاتِلُهُمْ بِمَا يَعُمُّ وَيَعْظُمُ أَثَرُهُ، كَالْمَنْجَنِيقِ وَالنَّارِ، وَإِرْسَالِ السُّيُولِ الْجَارِفَةِ، لَكِنْ لَوْ قَاتَلُونَا بِهَذِهِ الْأَوْجُهِ، وَاحْتَجْنَا إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute